للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ تواضعا وإخاء أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ غلبة واستيلاء يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وطريق توحيده باذلين نفوسهم فيه طالبين رضاه وَمع ذلك لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ وملامة مفرط مليم كهؤلاء المنافقين الذين يخافون من الملامة حفظا لجاههم ورئاستهم وحماية لما في نفوسهم من الاهوية الفاسدة والآراء الباطلة ذلِكَ الأوصاف المذكورة والنعوت المستحسنة فَضْلُ اللَّهِ الهادي لعباده الى قضاء توحيده يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ من اهل العناية وَبالجملة اللَّهُ المتفضل المحسن لأرباب المحبة والولاء واسِعٌ في فضله وطوله عَلِيمٌ بمن يستحق الانعام والإفضال.

ثم لما نهى سبحانه المؤمنين عن موالاة الكفار ومواخاتهم وبالغ فيه أراد أن ينبه على من يستحق الولاية والودادة حقيقة فقال إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ المتولى لأموركم بالولاية العامة وَرَسُولُهُ النائب عنه المستخلف منه وَالَّذِينَ آمَنُوا بالله بالولاية الخاصة بمتابعته صلّى الله عليه وسلّم الا وهم الَّذِينَ يُقِيمُونَ ويديمون الصَّلاةَ اى الميل المقرب نحو الحق وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ المصفية لبواطنهم عن التوجه نحو الغير وَالحال انه هُمْ حينئذ راكِعُونَ خاضعون خاشعون في صلاتهم متذللون فيها نزلت في على كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فرمى له خاتمه

وَبالجملة مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ الحفيظ المراقب عليه ويفوض امره كله اليه ويتخذه وكيلا وَيتول ايضا رَسُولَهُ الذي قد استخلف منه سبحانه وأظهره على صورته حيث انزل في شأنه من يطع الرسول فقد أطاع الله وَيتول ايضا الَّذِينَ آمَنُوا بالله وأخلصوا في ايمانهم طلبا لمرضاته فهم من حزب الله وجنوده يحفظهم في كنف حفظه وحمائه ويغلبهم مطلقا على من يصول إليهم فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ القادر المقتدر على عموم الانعام والانتقام هُمُ الْغالِبُونَ الفائزون الواصلون الى عموم مقاصدهم ومراداتهم بفضل الله وسعة جوده

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عليكم ان لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا من غاية بغضهم ونفاقهم معكم دِينَكُمْ الذي هو أقوم الأديان وأقسطها هُزُواً وَلَعِباً اى محل استهزاء وملاعبة يستهزؤن ويستسخرون به استخفافا له واستهانة لأهله سيما مِنَ القوم الَّذِينَ يدعون الدين والايمان والإطاعة والانقياد مراء وافتراء لأنهم وان أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ملتبسا بالحق الا انهم من خباثة طينتهم وركاكة فطنتهم لم يمتثلوا به ولم يعملوا بمقتضاه ولم يصدقوا الرسل الذين انزل إليهم الكتاب بل هم كانوا يكذبونهم ويقتلونهم ظلما وعنادا من كفرهم الأصلي وشركهم الجبلي وَلا سيما الْكُفَّارَ الذين أشركوا بالله المتوحد بذاته المنزه عن عموم ما ينسبونه اليه افتراء ومراء أَوْلِياءَ توالونهم وتحبونهم كموالاة بعضكم بعضا إذ هم اعداء لله المتوحد ولرسوله ولعموم المؤمنين وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ المقتدر الغيور واحذروا عن موالاة أعدائه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ موقنين بوحدة الله مصدقين لرسله

وَكيف تتخذون منهم اولياء وهم قوم من غاية بغضهم وغيظهم معكم إِذا نادَيْتُمْ واذنتم إِلَى الصَّلاةِ المقربة نحو الحق اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ الملاعبة والاستهزاء والمجادلة والمراء مع الأمناء العرفاء بالله بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ جهلاء بمقتضى الربوبية غفلاء عن لوازم المرتبة الألوهية وبالجملة هم سفهاء في أنفسهم لا يَعْقِلُونَ ولا يصرفون العقل الجزئى المفاض لهم من الحق لمعرفة المبدأ والمعاد الى ما خلق لأجله ومع ذلك ينكرون العقلاء الشاكرين الصارفين عقولهم وعموم جوارحهم وأعضائهم الى ما جبلت لأجله

<<  <  ج: ص:  >  >>