للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشئون والأطوار وَالْإِحْسانِ ثانيا لأنهم ما لم يعتدلوا ولم يستقيموا لم يتأت لهم التخلق بأخلاق الله التي هي كمال الإحسان والعرفان وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ثالثا اى إيصال ما حصل لهم من المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات الى مستحقيهم من ذوى القربى من جهة الدين المتوجهين نحو الحق عن ظهر القلب الراغبين اليه بمحض المحبة والوداد المتعطشين الى زلال توحيده لأنهم ما لم يتمكنوا ولم يتقرروا في مرتبة الإحسان لم يتأت منهم الاستكمال والاسترشاد وكما يرغب سبحانه عباده بموجبات الايمان والتوحيد ومعظمات أصوله وأركانه ينفرهم ايضا عن غوائله ومهلكاته ومغوياته فقال وَيَنْهى أولا عَنِ الْفَحْشاءِ اى افراط القوة الشهوية الموجبة لرذالة النفس وسقوطها عن جادة المروءة والعدالة المقتضية للتخلق بالأخلاق المرضية الإلهية وخروجها عن الحدود الشرعية الموضوعة لحفظ حكمة الزواج والتناسل بمتابعة القوى البهيمية الناشئة من طغيان الطبيعة الهيولانية الناسوتية المنافية لصفاء القوى الروحانية اللاهوتية وَعن الْمُنْكَرِ ثانيا إذ كل من ركب على جموح القوة الغضبية وأخذ سيف الهذيانات المثيرة لانواع الفتن والبليات بيده وعمل بمقتضاها ونبذ الحلم والترحم وراء ظهره فهو بمراحل عن رتبة الإحسان بل لا يرجى منه سوى الخذلان والخسران وَعن الْبَغْيِ ثالثا إذ كل من تمكن وتمادى بمقتضى كلتا القوتين الشهوية والغضبية فقد سقط عنه المروة والعدالة اللتين هما من أقوى اسباب الكمال المستلزم للإرشاد والتكميل وبعد ما سقطتا عنه فقد استكبر على خلق الله وتجبر وبغى وظلم فقد استحق اللعن والطرد الا لعنة الله على الظالمين وبالجملة انما يَعِظُكُمْ الله المصلح لأحوالكم بما يعظكم لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ رجاء ان تتعظوا وتمتثلوا بما أمرتم وتجتنبوا عما نهيتم كي تصلوا الى صفاء مشرب التوحيد المسقط لعموم المنافرات المترتبة على مطلق الإضافات

وَمن علامة اتعاظكم وتذكركم الوفاء بالعهود والمواثيق أَوْفُوا ايها المجبولون على فطرة العدالة بِعَهْدِ اللَّهِ وميثاقه الذي قد عهدتم مع الله بالسنة استعداداتكم في مبدأ فطرتكم وايضا بمطلق العهود والمواثيق إِذا عاهَدْتُمْ مع إخوانكم وبنى نوعكم وَكذا لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ الجارية على السنتكم في الوقائع والخطوب سيما بَعْدَ تَوْكِيدِها وتغليظها وَكيف تنقضونها إذ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ المراقب عَلَيْكُمْ كَفِيلًا وكيلا ضمينا لتلك البيعة والعهد بذكر اسمه فيها إِنَّ اللَّهَ المطلع لضمائركم ومخايلكم يَعْلَمُ بعلمه الحضوري عموم ما تَفْعَلُونَ من نقض الايمان والمواثيق واماراتها الدالة على نقضها

وَبعد ما قد علم الله منكم جميع ما فعلتم ونقضتم من الايمان والعهود عليكم ان لا تَكُونُوا في النقض وعدم الوثوق كَالَّتِي اى كالمراة التي قد نَقَضَتْ وفتت غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ اى بعد ما غزلتها وفتلتها قوية محكمة ثم نقضتها أَنْكاثاً وفتتها تفتيتا بلا غرض يترتب على نقضها سوى الجنون والخرق فأنتم كذلك في نقضكم الايمان الوثيقة بذكر الله بلا غرض يتعلق بنقضها سوى انكم تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ ونقضها دَخَلًا خديعة ومكيدة واقعة بَيْنَكُمْ محفوظة عندكم الى أَنْ تَكُونَ وتقع أُمَّةٌ قوية هِيَ أَرْبى أقوى وأزيد عدد او عددا مِنْ أُمَّةٍ اخرى ضعيفة أنتم تحلفون معهم فتنقضون حلف الامة الضعيفة وتتبعون القوية بعد نقض العهد واليمين وما هذا الا مكر وخديعة مع الله ومع عباده وبالجملة إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ ويختبركم بِهِ اى بازدياد الامة القوية كي يظهر أتمسكون ايمانكم أم تنفضونها وَلَيُبَيِّنَنَّ ويوضحن لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فيثيبكم الله يومئذ بالوفاء والإيفاء او يفضحكم ويعاقبكم بالنقض

وَبالجملة لَوْ شاءَ اللَّهُ الحكيم العليم القدير على عموم المقدورات

<<  <  ج: ص:  >  >>