للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْمَعِينَ إذ لا يسع لهم وليس في وسعهم ان يسدوا سنن مداخلى فيهم وطرق مخادعتي إياهم

إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ألا وهم المؤمنون الموقنون المخلصون الذين قد أخلصوا في عموم أعمالهم وأحوالهم معك واعتصموا بحبل توفيقك راجين من رحمتك ورضوانك هاربين مرعوبين عن مقتضى سخطك وغضبك بلا ميل لهم الى ما يلهيهم ويشغلهم عنه

قالَ سبحانه في جوابه اظهار الكمال الاستغناء والقدرة فَالْحَقُّ الثابت المثبت ما قلت لك في هذه النشأة يا ملعون من الطرد والتبعيد وانظارك فيما بينهم للاختبار والاعتبار وَالْحَقَّ أَقُولُ اى أقول الحق ايضا فيما يترتب على اغرائك واغوائك إياهم واتباعهم لك في هذه النشأة وكذا ما يترتب على متابعتهم إياك في النشأة الاخرى والكل هو هذا والله بمقتضى عزتي وجلالي

لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ المعدة لأصحاب الشقاوة الازلية من المنحرفين عن جادة العدالة الإلهية الضالين عن الصراط السوى مِنْكَ اى من جنسك الذي هو الجن وَايضا مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ اى من جنس الانس أَجْمَعِينَ تابعا ومتبوعا ضالا ومضلا

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما بلغت ما يوحى إليك من الحق الصريح على وجهه بلا خبط وخلط وبلا زيادة ونقصان كلاما ناشئا عن محض الحكمة والعدالة ما أَسْئَلُكُمْ ولا اطلب وأطمع منكم ايها المكلفون عَلَيْهِ اى على تبليغى إياكم ما أمرت بتبليغه من ربي مِنْ أَجْرٍ اى جعل ومال على عادة اصحاب التلبيس من المتشيخة الذين هم من اعونة إبليس وانصاره وَما أَنَا ايضا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ المتصنعين بخصائل ليس في أمثالهم على سبيل التلبيس والتدليس بل

إِنْ هُوَ اى ما هو اى القرآن المنزل على إِلَّا ذِكْرٌ اى عظة وتذكير لِلْعالَمِينَ من الثقلين المجبولين على فطرة الدراية والإيقان المكلفين بطرق الهداية والايمان وسبل التوحيد والعرفان

وَلَتَعْلَمُنَّ أنتم أيها المتذكرون الوحى والقرآن العظيم والمعرضون عنه نَبَأَهُ اى صدق اخباره وحقية مواعيده ووعيداته وما يترتب عليها وعلى قصصه المذكورة وأحكامه الموردة فيه وكذا ما ينكشف عندكم ولاح لديكم من حكمه ورموزه وإشاراته ومعارفه وحقائقه بَعْدَ حِينٍ اى بعد انخلاعكم من لوازم ناسوتكم بالمرة واتصافكم بخلعة اللاهوت في النشأة الاخرى حين تبلى السرائر وتكشف الضمائر وارتفعت الحجب والأستار فاعتبروا الآن يا اولى الأبصار وذوى الاعتبار بما فيه من السرائر والأسرار

[خاتمة سورة ص]

عليك ايها السالك المتدبر في رموزات القرآن والمتأمل المتدرب في درك إشاراته الخفية تحت أستار ألفاظه وأحكامه المتعلقة لتهذيب الظاهر والباطن وتصفية السر عن التوجه نحو الغير مطلقا ان تعرف أولا ما في نفسك من اعونة الشيطان وجنوده الامارة بالسوء المزعجة لك الى قبول مأموراتها المقتضية للبعد عن جادة العدالة التوحيدية الإلهية التي هي صراط الله الا قوم وتجاهد معها مهما أمكنك واعانك الحق ومكنك ووفقك لتسخيرها الى ان صارت مغلوبة لك مقهورة تحت قهرك حسب ما يسر الله ووفقك على غلبتك إياها ثم بعد ذلك نبع من صدرك ينابيع الحكم المترشحة من بحر الوحدة الذاتية وجرى على لسانك ما أراد الله وشاءه بعد ما افناك عنك وابقاك ببقائه وصار سبحانه قلبك وسمعك وبصرك وجميع قواك وحينئذ قد اجتمع الفرق وارتبق الفلق واتحد الظهور والبطون وانطوى الأزل والأبد واتصل الاول والآخر والظاهر والباطن وبالجملة هو بكل شيء عليم ليس كمثله شيء ولا معه حي وهو الحي القيوم وحده وهو السميع العليم لا غير معه

<<  <  ج: ص:  >  >>