للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدنيا بحسب النشأة الاولى والاخرى فيجازيهم احسن الجزاء

ذلِكَ اى إضلال الكفرة وإصلاح المؤمنين بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وتركوا الحق الحقيق بالاتباع وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ النازل عليهم مِنْ رَبِّهِمْ لإصلاح حالهم في النشأتين وان يرشدهم الى ما هو خير لهم في الدارين كَذلِكَ اى مثل ذلك الذي سمعت من الإضلال والإصلاح بالنسبة الى كلا الفريقين يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ ويبين لهم أحوالهم المتواردة عليهم في أولاهم وأخراهم وبعد ما سمعتم ايها المؤمنون وخامة عاقبة الكفرة وضياع أعمالهم واحباطها

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى على أى وجه وحال فَضَرْبَ الرِّقابِ اى فعليكم ان تضربوا رقابهم مهما أمكن وان تقتلوهم بلا مبالاة بهم وبدمائهم سيما بعد رفع الهدنة والمصالحة فصيرورة أمرهم اما الى السيف واما الى الإسلام حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ اى اغلظتم وبالغتم في قتلهم فاسرتم بقاياهم فَشُدُّوا الْوَثاقَ والنكال على أسرائهم واحفظوهم مقيدين موثقين فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً اى تمنون عليهم منا فتطلقونهم رجاء ان تؤمنوا بدل ما تحسنون إليهم او تفدون منهم فداء على إطلاقهم وتخلون سبيلهم وبالجملة افعلوا ايها المؤمنون مع المشركين كذلك حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها اى تضع اهل الحرب من كلا الجانبين آلات الحرب والقتال وذلك لا يحصل الا بالمواخاة والايتلاف التام وتدين الجميع بدين الإسلام ذلِكَ اى الأمر من الله ذلك فافعلوا معهم كذلك لينال كل منكم ايها المؤمنون من الأجر والثواب مقدار ما قد اجتهدوا في ترويج الدين القويم وَالا لَوْ يَشاءُ اللَّهُ القادر المقتدر على انواع الانتقام لَانْتَصَرَ وانتقم مِنْهُمْ اى من المشركين بلا قتالكم وحرابكم وَلكِنْ انما يأمركم سبحانه بالقتال معهم لِيَبْلُوَا ويختبر سبحانه بَعْضَكُمْ ايها الناس المؤمنون بِبَعْضٍ اى بقتال بعض منكم وهو الكافرون لينال المؤمن بقتالهم وجهادهم الثواب الجزيل والأجر الجميل ويستوجب الكافر بمعاداة المؤمن العقاب العظيم والعذاب الأليم كل ذلك انما هو بتقدير العليم الحكيم. ثم قال سبحانه تبشيرا على المؤمنين الذين استشهدوا في سبيل الله وَاعلموا ايها المؤمنون الَّذِينَ قُتِلُوا مع اعداء الله فِي سَبِيلِ اللَّهِ لترويج دين الله او قتلوا منكم في سبيل الله باذلين مهجهم في ترويج دينه سبحانه على القراءتين فَلَنْ يُضِلَّ ولن يضيع سبحانه أَعْمالَهُمْ التي أتوا بها طلبا لمرضاة الله وتثبيتا لقلوبهم على الايمان بما نزل من عنده سبحانه بل

سَيَهْدِيهِمْ سبحانه ويرشدهم بعد ما جاهدوا واستشهدوا في سبيله الى زلال هدايته وتوحيده وَيُصْلِحُ بالَهُمْ بايصالهم الى غاية ما جبلوا لأجله في النشأة الاولى

وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ التي قد عَرَّفَها لَهُمْ حين أمرهم بالجهاد ألا وهي الحياة الازلية الابدية الإلهية الموعودة للشهداء من عنده سبحانه بقوله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يعنى دينه ورسوله يَنْصُرْكُمْ سبحانه على أعدائكم وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ في جادة توحيده وصراط تحقيقه

وَالَّذِينَ كَفَرُوا بالله واعرضوا عن نصر دينه ورسوله فَتَعْساً اى زلقا وعثورا وانحطاطا وسقوطا لَهُمْ عن الرتبة الانسانية وعن جادة العدالة الإلهية وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ واضاعها بحيث لا يفيدهم شيأ أصلا

ذلِكَ العثور والانحطاط لهم بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا اى أنكروا واستكرهوا مستكبرين عموم ما أَنْزَلَ اللَّهُ المدبر المصلح لأحوال عباده في كتابه من الأوامر والنواهي المهذبة لظواهرهم وبواطنهم فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ بسبب كفرهم وكراهتهم

أَينكرون قدرة الله على الإحباط والإضلال فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>