للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ حاكما باحكامه ممتثلا بأوامره ونواهيه وَآتَيْناهُ تأييدا له وامتنانا عليه الْإِنْجِيلَ فِيهِ ايضا هُدىً وَنُورٌ للمستهدين المستكشفين منه وَمع كونه مشتملا على الهداية والإنارة مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً هاديا لأهل العناية وَمَوْعِظَةً وتذكيرا لِلْمُتَّقِينَ المتوجهين نحو الحق بين الخوف والرجاء

وَلْيَحْكُمْ ايضا أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ المطلع لمقتضيات كل زمان من الازمنة بمقتضى ما فِيهِ من الاحكام وَبالجملة مَنْ لَمْ يَحْكُمْ منهم ايضا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فيه لغرض من الأغراض الفاسدة المذكورة فَأُولئِكَ البعداء المنصرفون عن منهج الرشد هُمُ الْفاسِقُونَ الخارجون عن ربقة الايمان المنهمكون في بحر الضلال والطغيان ومآل هذه الصفات الثلث لهؤلاء الحاكمين المتجاوزين عما حكم الله في كتبه واحد إذ الكفر هو ستر حكم الله. والظلم عبارة عن التجاوز عنه الى غيره من الآراء الفاسدة والأهواء الباطلة. والفسق كناية عن الخروج عن حكمه سبحانه عنادا ومكابرة فمآل الكل الى الشرك بالله والإلحاد عن توحيده أعاذنا الله وعموم عباده منه

وَبعد ما انقرض زمان نبوة عيسى صلوات الرّحمن عليه وسلامه قد أَنْزَلْنا إِلَيْكَ يا أكمل الرسل وخاتم النبيين الْكِتابَ الجامع لجميع فوائد الكتب السالفة ملتبسا بِالْحَقِّ متصفا بالصدق مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ جنس الْكِتابَ الإلهي المنزل على الرسل الماضين وَمع كونه مصدقا قد صار مُهَيْمِناً عَلَيْهِ مستحضرا لما فيه يحفظه عن التحريف والتغيير إذ من خواص الكتب الإلهية ان كل لاحق منها يحفظه حكم سابقه ويصونه عن تطرق التحريف وان كان مشتملا على نسخ وتغيير الهى بحسب الزمان ومقتضيات المراتب والشان فَاحْكُمْ أنت ايضا يا أكمل الرسل بَيْنَهُمْ مطابقا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ الحكيم المفضل إليك في كتابه هذا وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ الباطلة ميلا ومداهنة ولا تنحرف عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ الصريح المطابق للحكمة المتقنة الإلهية المقتضية للاحكام. واعلموا ايها الأمم المتوجهون نحو توحيد الذات المسقط لعموم الإضافات لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً موردا وشرعا تردون أنتم منها الى بحر الوحدة وَمِنْهاجاً اى طريقا واضحا واسعا وجادة مستقيمة قد بينها الحق لأنبيائه ورسله بانزال الكتب عليهم وَلَوْ شاءَ اللَّهُ الهادي لعباده الى توحيده لَجَعَلَكُمْ وصيركم أُمَّةً واحِدَةً متحدة في المنهج والمقصد بحسب الظاهر ايضا وَلكِنْ كثركم وعدد طرقكم لِيَبْلُوَكُمْ ويجربكم فِي رعاية مقتضيات ما آتاكُمْ من المواهب والعطايا الفائضة من تجلياته الحبية فَاسْتَبِقُوا ايها المتعرضون لنفحات الحق المستنشقون من نسمات روحه ورحمته الْخَيْراتِ وبادروا الى الحسنات الفائضة عليكم من محض جوده وسارعوا نحوها وتعرضوا بها واعلموا ايها التائهون في سراب الإمكان إِلَى اللَّهِ المتوحد المتفرد بالجود والوجود مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ايها الاظلال الباطلة والتماثيل العاطلة المنعدمة في أنفسها وحدود ذواتها فَيُنَبِّئُكُمْ سبحانه بعد رفع تعيناتكم بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من الإضافات المترتبة على الهويات الباطلة. ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا

وَامرناك ايضا فيما أنزلنا إليك يا أكمل الرسل أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ مطابقا موافقا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ الرقيب عليكم في كتابه الذي أنزله إليك على الوجه المنزل فيه بلا ميل وانحراف عنه وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ المضلة وَاحْذَرْهُمْ عن أَنْ يَفْتِنُوكَ ويلبسوا عليك عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ بمواساتك

<<  <  ج: ص:  >  >>