للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المترتبة على الايمان واليقين وَلَا الْمُسِيءُ اى الذين يسيئون الأدب مع الله وهم الكفرة الذين لا يؤمنون بالله ولا يتصفون بتوحيده بل هم يسترون شروق شمس ذاته بغيوم هوياتهم الباطلة واظلال انانياتهم الزائلة المضمحلة في شمس الذات لذلك عملوا عملا سيّئا حسب ما تهواه أنفسهم الخبيثة وأحلامهم السخيفة لكن قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ اى ما تتذكرون وتتفطنون على عدم المساواة الا تذكرا قليلا ولهذا تنكرون البعث والحشر وكيف تنكرونه

إِنَّ السَّاعَةَ الموعودة على ألسنة عموم الأنبياء والرسل لَآتِيَةٌ البتة بحيث لا رَيْبَ فِيها اى في مجيئها ووقوعها بوضوح الدلائل العقلية الدالة على إمكان اعادة المعدوم مع انها مؤيدة بالوحي والإلهام الإلهي على عموم الأنبياء والرسل الكرام وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ بها ولا يصدقون بوقوعها وقيامها لانحطاطهم عن مرتبة الخلافة المترتبة على فطرة التوحيد واليقين

وَبعد ما أشار سبحانه الى مرتبة كلا الفريقين الموحد والمشرك أشار الى من توجه نحوه سبحانه متحننا وقصد تجاه توحيده مجتهدا ودعا اليه متضرعا فأجاب له وأنجح مطلوبه حيث قالَ رَبُّكُمُ الذي رباكم على فطرة التوحيد والعرفان ادْعُونِي ايها المكلفون بمقتضى العقل المفاض حق دعوتي وتوجهوا الى مخلصين بلا رؤية الوسائل والأسباب العادية في البين أَسْتَجِبْ لَكُمْ دعوتكم وأوصلكم الى مقصدكم ومقصودكم الذي هو توحيد الذات فعليكم ان لا تستكبروا عن عبادتي وإطاعتي وبالجملة إِنَّ المسرفين الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ ويستنكفون عَنْ عِبادَتِي حسب آرائهم الباطلة واهوائهم الفاسدة سَيَدْخُلُونَ في يوم الجزاء جَهَنَّمَ الحرمان والخذلان داخِرِينَ صاغرين ذليلين مهانين وكيف يستنكفون ويستكبرون عن عبادة الفاعل على الإطلاق المنعم بالاستقلال والاستحقاق مع انه

اللَّهُ الواحد الأحد الفرد الصمد المتصف بصفات الكمال ونعوت الجلال والجمال هو الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ مظلما باردا لِتَسْكُنُوا وتستريحوا فِيهِ بلا ضرر وعناء وَايضا قد جعل لكم النَّهارَ مُبْصِراً لتكسبوا فيه معايشكم وتجمعوا حوائجكم وبالجملة إِنَّ اللَّهَ المنعم المفضل على عباده لَذُو فَضْلٍ عظيم وكرامة كاملة شاملة عَلَى عموم النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ المجبولين على فطرة النسيان والكفران لا يَشْكُرُونَ نعمه ولا يواظبون على أداء حقوق كرمه جهلا منهم بالله وعنادا مع رسله الهادين اليه

ذلِكُمُ اللَّهُ الذي قد أفاض عليكم موائد بره وإحسانه واظهر عليكم مقتضيات ألوهيته وربوبيته رَبُّكُمْ الذي رباكم بأنواع اللطف والكرم بعد ما أوجدكم من كتم العدم وهو خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ومظهره من العدم إظهارا إبداعيا بمقتضى اختياره واستقلاله فلكم ان تتوجهوا اليه وتحننوا نحوه مخلصين إذ لا إِلهَ يعبد له بالاستحقاق ويرجع نحوه في الخطوب على الإطلاق إِلَّا هُوَ الله اى الذات الواحدة المتحدة المتصفة بالصفات الكاملة المربية لجميع ما في الكون من العكوس والاظلال المنعكسة منها فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ وكيف تنصرفون عن عبادته ايها الآفكون المنصرفون فأين تذهبون من بابه ايها الذاهبون الجاهلون ما لكم كيف تحكمون ايها الضالون المحرومون

كَذلِكَ اى مثل ما سمعت من المجادلة والمكابرة بلا برهان واضح وتبيان لائح يُؤْفَكُ ويصرف عن طريق الحق عموم المسرفين الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ ودلائل توحيده يَجْحَدُونَ وينكرون بلا تأمل ولا تدبر لينكشف لهم ما فيها من المعارف والحقائق المودعة فيها فكيف تجحدون في آيات الحكيم العليم ايها الجاحدون الجاهلون

<<  <  ج: ص:  >  >>