للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَكُمْ

بالمال والجاه والثروة والسيادة وبالاحساب والأنساب وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ بالمظاهرة والمعاونة وتكثير العدد والعدد والعقارات والتجارات والمواشي والزراعات الى غير ذلك من المزخرفات الفانية التي لإقرار لها ولا مدار بل مثلها كَمَثَلِ غَيْثٍ قد نزل وأنبت إنباتا بحيث قد أَعْجَبَ الْكُفَّارَ اى الحراث نَباتُهُ من كثرته ونضارته وكثافته ثُمَّ يَهِيجُ يجف وييبس بآفة وعاهة فَتَراهُ مُصْفَرًّا منكرا مكروها بعد ما كان مخضرا في كمال النزاهة والنضارة ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً هشيما تذروه الرياح حيث شاءت بلا فائدة ولا عائدة وَمع هذه الخسارة والحرمان في النشأة الاولى لأهل الغفلة والخذلان يكون لهم فِي النشأة الْآخِرَةِ المعدة للجزاء عَذابٌ شَدِيدٌ بسبب اشتغالهم بالدنيا وما فيها وَبالجملة مَغْفِرَةٌ ستر ومحو لذنوب اصحاب المعاملات ناشئة مِنَ اللَّهِ الغفور الرحيم بمقتضى لطفه وسعة رحمته وجوده وَرِضْوانٌ منه سبحانه لأرباب القلوب والمكاشفة خير من الدنيا وما فيها بل من اضعافها وآلافها عند من تحقق برتبة الإنسان وسعة قلبه المصور على صورة الرحمن وَبالجملة مَا الْحَياةُ الدُّنْيا عند الأحرار الأبرار البالغين بدرجة الاعتبار والاستبصار إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ ومخايل الخديعة والزور ومن اغتربها ولحق بما فيها فقد استحق الويل والثبور وحرم عليه الحضور والسرور. ومتى سمعتم ايها المؤمنون المعتبرون حال الدنيا ومآلها وحال العقبى وما يترتب عليها

سابِقُوا سارعوا بادروا بوفور الرغبة والرضاء إِلى تحصيل اسباب مَغْفِرَةٍ مرجوة مِنْ رَبِّكُمْ الذي رباكم على فطرة الهداية والتوحيد وَوسائل دخول جَنَّةٍ وسيعة فسيحة عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ بحسب متفاهم العرف وإلا فلا يكال سعة الجنان وعرش الرحمن وقلب الإنسان الكامل كما يشهد به قلب العارف المحقق المتحقق بمقام القلب الذي هو وعاء الحق المنزه عن مطلق المقادير والتقادير قد أُعِدَّتْ وهيئت لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ على وجه الإخلاص وأكدوا ايمانهم وإخلاصهم بالرضاء والتسليم بعموم ما جرى عليهم من القضاء وفوضوا أمورهم كلها الى المولى حتى صار علمهم منتهيا الى العين وعينهم الى الحق ذلِكَ التحقيق والانتهاء فَضْلُ اللَّهِ بلا سبق شيء يوجبه ويجلبه وعبودية تستحقه بل يُؤْتِيهِ ويعطيه مَنْ يَشاءُ عناية منه سبحانه وإحسانا ناشئا من محض الارادة والاختيار كيف وَاللَّهُ الغنى بذاته المستغنى مطلقا عن عبادة مظاهره واظلاله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ والكرم العميم يمن على من يشاء من عباده مما يمن بمقتضى سعة رحمته وجوده حسب علمه المحيط باستعداداتهم وقابلياتهم إذ

ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ اى ما حدث من حادثة مفرحة او موحشة كائنة فِي الْأَرْضِ اى في اقطار الآفاق من الخصب والرخاء والزلزلة والوباء الى غير ذلك من المفرحات والموحشات الحادثة في الأنحاء والارجاء وَلا كائنة فِي أَنْفُسِكُمْ من العوارض السارة والشهوات الملذة او من الأمراض المردئة والملمات المؤلمة إِلَّا قد ثبت حدوثها في ساعة كذا في آن كذا على وجه كذا فِي كِتابٍ اى في حضرة العلم المحيط الإلهي ولوح قضائه على اختلاف العبارات مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها نخلقها ونظهرها اى ثبت حدوث الحادثة في وقتها في كتابنا قبل ان تخلق الحادثة بزمان لا يعلم احد مقداره الا نحن ولا تستبعدوا من قدرتنا أمثال هذا إِنَّ ذلِكَ الثبت والتقدير السابق وان كان عندكم عسير عَلَى اللَّهِ القادر المقتدر الغالب على عموم المقدورات يَسِيرٌ في جنب قدرته والحكمة في ثبتها قبل خلقها

لِكَيْلا تَأْسَوْا ولا تحزنوا ايها المجبولون

<<  <  ج: ص:  >  >>