للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعدة لأصحاب الخيبة والخذلان إذ

تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ الواحد الأحد الصمد المتفرد بالالوهية وأنكر وجوده واستقلاله فيه وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ اى أشرك به سبحانه شيأ لم يتعلق علمي بألوهيته وشركته مع الله لا يقينا ولا ظنا ولا وهما إذ هو جماد لا شعور له وَأَنَا أَدْعُوكُمْ بمقتضى الوحى الإلهي المنزل على رسل الله المؤيدين بالعقل الفطري المفاض لهم من لدنه ليرشدوا به خواص عباده سبحانه إِلَى الْعَزِيزِ القادر الغالب في امره بلا فتور وقصور الْغَفَّارِ الستار لنقوش السوى والأغيار مطلقا

لا جَرَمَ قد حق وثبت حقا حتما ثابتا أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وتميلوننى نحوه لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ اى لا يتأتى منه لا الدعوة ولا الهداية ولا الإرشاد لا فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ إذ لا يتيسر للجماد دعوة الإنسان وتكليمه مطلقا وَبعد ما اتضح امر آلهتكم وعدم لياقتهم بالالوهية والربوبية قد ظهر أَنَّ مَرَدَّنا ومرجعنا يعنى انا وأنتم وسائر العباد والمظاهر عموما وخصوصا إِلَى اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد الحقيق بالحقية اللائق بالالوهية والربوبية بلا توهم الشركة والنزاع رجوع الاظلال الى الأضواء والأمواج الى الماء وَقد ظهر ايضا أَنَّ الْمُسْرِفِينَ الخائضين في توحيده سبحانه بالهذيانات التي تركبها اوهامهم وخيالاتهم بلا تأييد من وحى الهى وعقل فطري هُمْ أَصْحابُ النَّارِ ملازموها وملاصقوها لا نجاة لهم منها ابد الآباد وبالجملة

فَسَتَذْكُرُونَ أنتم ايها الممكورون الممقوتون حين تعاينون وتدخلون النار ما أَقُولُ لَكُمْ على وجه النصح من شأن العذاب الموعود لكم في النشأة الاخرى وبعد ما سمعوا منه ما سمعوا من الوعيدات الهائلة اضمروا في نفوسهم عداوته والإنكار عليه وقصدوا مقته ضمنا وَلما تفرس هو ايضا منهم السوء قال مسترجعا الى الله متوكلا عليه متحننا نحوه أُفَوِّضُ أَمْرِي اى امر حفظي وحضانتى من شروركم إِلَى اللَّهِ المراقب على محافظة عباده المتوكلين عليه المتوجهين نحو جنابه يكفى بمقتضى لطفه وجوده مؤنة شروركم عنى واساءتكم على إِنَّ اللَّهَ المقتدر العليم بَصِيرٌ بِالْعِبادِ الخلص وما تكنّه ضمائرهم من الإخلاص والاختصاص قيل قد فرّ منهم الى جبل فأرسل فرعون جماعة لطلبه فلحقوه وهو في الصلاة والوحوش حوله صافين حافين يحرسونه عما يضره فلم يظفروا عليه فرجعوا خائبين فقتلهم فرعون أجمعين وبالجملة

فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا اى حفظه الله الرقيب المراقب عليه من شدائد مكرهم وإساءتهم عليه وَحاقَ وأحاط بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النازل عليهم من عند الله العزيز الغيور ألا وهي

النَّارُ المعدة لتعذيب اصحاب الشقاوة الازلية الابدية ولهذا يُعْرَضُونَ عَلَيْها يعنى فرعون وآله على النار حال كونهم في برزخ القبر ايضا غُدُوًّا وَعَشِيًّا دائما في جميع الأزمان والأحيان قبل انقراض النشأة الاولى وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يحشرون من قبورهم صرعى مبهوتين قيل لهم حينئذ من قبل الحق بلا سبق كشف وتفتيش عن حالهم أَدْخِلُوا يا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ اى افزعه وأفظعه وأخلده او قيل للملائكة الموكلين عليهم لتعذيبهم ادخلوا ايها الملائكة آل فرعون أشد العذاب وأسوأ النكال والوبال وهو تخليدهم في نار القطيعة على القرائتين. ثم قال سبحانه

وَاذكر يا أكمل الرسل للمعتبرين من المكلفين وقت إِذْ يَتَحاجُّونَ ويتخاصمون اى اصحاب النار فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ منهم من الأراذل والاتباع لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لرؤسائهم ومتبوعيهم المستكبرين عليهم المستتبعين لهم في النشأة الاولى إِنَّا قد كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً في الدنيا بل أنتم اضللتمونا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>