للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستخلف عنا المتخلق باخلاقنا المظهر للتوحيد الذاتي إِلَّا رَحْمَةً اى ذا رحمة شاملة وعطف عام لِلْعالَمِينَ اى لعموم من في العالم الى انقراض الدنيا إذ لا بعث بعدك ولا دين بعد دينك بل أنت مكمل دائرة النبوة والرسالة ومتمم مكارم الأخلاق ودينك ناسخ لعموم الأديان فلا بد لجميع اهل الملل والنحل ان يتدينوا بدينك كي يصلوا الى ما قد جبلهم الحق لأجله الا وهو التوحيد والمعرفة وبعد ما قد صرت خاتم النبوة والرسالة وصار دينك ناسخا لعموم الأديان

قُلْ لقاطبة الأنام على سبيل الدعوة العامة والتبليغ التام إِنَّما يُوحى إِلَيَّ من ربي بعد ما جعلني مبعوثا الى عموم عباده أَنَّما إِلهُكُمْ ايها الواصلون الى مرتبة التكليف إِلهٌ واحِدٌ احد صمد فرد وتر لا يقبل التعدد مطلقا ولا يعرضه نقصان أصلا ولا يشغله شأن عن شأن بل كل يوم وآن هو في شأن من شئون الكمال لا كشأن سابق ولا لاحق فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ منقادون له مسلمون وحدته مخلصون في أطاعته وانقياده ايها العابدون

فَإِنْ تَوَلَّوْا واعرضوا عن التوحيد بعد تبليغك إياهم قصارى أمرهم في دينهم فَقُلْ لهم يا أكمل الرسل قد آذَنْتُكُمْ وأعلمتكم باذن الله وهديتكم حسب وحيه سبحانه عَلى سَواءٍ اى على طريق سوى وصراط مستقيم موصل الى توحيد الحق ومعرفته وان انحرفتم عن جادة التوحيد وانصرفتم بما اقترفتم عن مسالكه فقد استوجبتم المقت والعذاب البتة وَإِنْ أَدْرِي وما اعلمه انا وما أدرك أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ نزول ما تُوعَدُونَ من العذاب والنكال وبعد ما تحقق نزوله وتقرر وقوعه باخبار الله والهامه على لا تغتروا بامهاله إياكم ولا تظنوه عن غفلته عنكم تعالى عن ذلك كيف يعرض له سبحانه الغفلة والذهول

إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ منكم اى الذين يجهرون ويعلنون به مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ايضا منكم ما تَكْتُمُونَ وتخفون في نفوسكم من خواطركم واسراركم

وَإِنْ أَدْرِي وما اعلم ايضا لَعَلَّهُ اى لعل امهاله سبحانه إياكم وتأخيره العذاب عنكم فِتْنَةٌ منه سبحانه واختبار لَكُمْ هل تتفطنون الى توحيده أم لا سيما بعد ورود اصناف المنبهات وانواع الروادع والزواجر البليغة عما ينافيه ويخالفه وَما ادرى ايضا لعل امهاله إياكم مَتاعٌ وتمتيع لكم إِلى حِينٍ لتزدادوا فيه إثما كبيرا ومعصية كثيرة تستجلبوا بها أعظم العقوبات وتستحقوا بسببها أشد العذاب والنكبات.

ثم لما تمادى النزاع بين اهل مكة والرسول صلّى الله عليه وسلّم وتكثرت الوقائع والحادثات امر سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بالاستعانة منه والتفويض اليه بقوله قالَ يا أكمل الرسل بعد ما قد أصروا على إنكارك ملتجأ إلينا مناجيا معنا دعاء عليهم رَبِّ يا من رباني بكرامة الرسالة والتبليغ والإرشاد والتشريع احْكُمْ بِالْحَقِّ الصريح الصحيح المقرر الواقع عندك بيني وبين هؤلاء المعاندين معى وأنت تعلم انهم لا ينزجرون الا بنزول العذاب الموعود عليهم انزل بمقتضى قهرك وجلالك عليهم ما ينزجرون به من العذاب وَبالجملة رَبُّنَا وان كان هو الرَّحْمنُ الذي قد وسعت رحمته كل شيء حتى الكافر الشقي النافى له سبحانه لكنه هو الْمُسْتَعانُ والمعين المنان والناصر الديان لأهل المعرفة والايمان القادر المقتدر عَلى ازالة ما تَصِفُونَ الله به ايها المعاندون المفرطون مما لا يليق بشأنه ولا ينبغي بجنابه وبالجملة أولئك المشركون هم الهالكون في تيه الجحود والعدوان المنهمكون في بحر الضلال والكفران

<<  <  ج: ص:  >  >>