للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي تلى واوحى إليك بلا التفات منك الى ايمانهم وكفرهم وتصديقهم وتكذيبهم بل ما عليك الا البلاغ وعلينا الحساب الا انك في نفسك ومن فرط محبتك لإيمانهم بك وبدينك وبكتابك

لَعَلَّكَ باخِعٌ مهلك قاتل نَفْسَكَ تحسرا وتحزنا أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ اى لأجل ان لا يكونوا مصدقين لك ولدينك وكتابك مع انا لا نريد ايمانهم وهدايتهم بل قد مضى في لوح قضائنا وثبت في حضرة علمنا المحيط كفرهم وضلالهم وما يبدل القول لدينا ولا يغير حكمنا

بل إِنْ نَشَأْ اى ان تعلقت ارادتنا ومشيئتنا لإيمانهم نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً ملجئة لهم الى الايمان والتصديق فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ اى قد صارت حين نزول الآية أعناقهم التي هي آلات كبرهم وخيلائهم من كمال الإطاعة والانقياد لَها اى للآية الملجئة النازلة خاضِعِينَ منكوسين منكسرين منخفضين بحيث لا يتأتى لهم الاعراض عنها والتكذيب بها أصلا

وَمتى لم تتعلق مشيئتنا لم ننزل آيتنا فلم يؤمنوا بل صاروا مصرين على إصرارهم إذ ما يَأْتِيهِمْ وما ينزل عليهم مِنْ ذِكْرٍ من عظة وتذكير نازل مِنْ قبل الرَّحْمنِ تفضلا عليهم مُحْدَثٍ مستبدع على الأعصار والأزمان لإصلاح ما في نفوس أهلها من المفاسد والضلال إِلَّا كانُوا عَنْهُ اى عن الذكر المحدث والهداية المبدعة مُعْرِضِينَ منصرفين لعدم تعلق مشيئتنا بقبولهم بل ما أرسلناك يا أكمل الرسل إليهم وما امرناك بدعوتهم وتبليغهم الا ليتعظ ويتذكر منهم من وفقناه وسبقت له العناية الازلية من لدنا من خلص عبادنا وقد تعلقت ارادتنا بهدايتهم ورشدهم من اصل فطرتهم واستعدادهم بعد ما بلغت إليهم الذكر والعظة المهذبة لقلوبهم عن رين الكفر وشين الشرك العارض لهم من قبل آبائهم وأسلافهم قد سمعوها سمع قبول ورضا إذ كل ميسر موفق لما خلق له واما المجبولون على فطرة الشقاوة المطبوعون على قلوبهم بغشاوة الغفلة والضلال أمثال هؤلاء الضلال

فَقَدْ كَذَّبُوا بها حين سمعوها ولم يقتصروا على تكذيبها فقط بل قد استهزؤا بها وبك يا أكمل الرسل عتوا واستكبارا فلك ان لا تلتفت إليهم ولا تبالي بهم وبايمانهم فَسَيَأْتِيهِمْ عن قريب أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى اخبار ما أنكروا واستهزؤا به عنادا ومكابرة وما يترتب عليها من الجزاء فيظهر حينئذ اهو حق حقيق بان ينقاد ويتبع أم هو باطل واجب التكذيب والانصراف عنه وكيف ينكرون بآياتنا الدالة على كمال قدرتنا أولئك المعرضون المصرون عنادا ومكابرة

أَوَلَمْ يَرَوْا ولم ينظروا ولم يتفكروا حتى يعتبروا مع انهم مجبولون من اهل النظر والاعتبار إِلَى عجائب الْأَرْضِ اليابسة الجامدة كَمْ أَنْبَتْنا وكثيرا أخرجنا من كمال قدرتنا ووفور حكمتنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ اى أجناس كثيرة من النباتات والحيوانات والمعدن وغير ذلك مما لا اطلاع لهم عليه إذ ما يعلم جنود ربك الا هو كَرِيمٍ كلها ذوو الكرامات والبركات وانواع المعارف والخيرات

وبالجملة إِنَّ فِي ذلِكَ اى في إنبات كل من انواع النباتات وإخراج كل من اصناف الحيوانات وأجناس المعادن منها لَآيَةً بينة واضحة قاطعة دالة على ان منبتها ومخرجها متصف بعموم أوصاف الكمال ونعوت الجمال والجلال فاعل بالاختيار والاستقلال بلا مزاحمة الأشباح والأمثال وَهي وان كانت في غاية الوضوح والجلاء لكن ما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر الناس مُؤْمِنِينَ موقنين على الايمان والتوحيد في علم الله ولوح قضائه لذلك لم يؤمنوا بالآيات العظام ولم يستدلوا منها الى وجود الصانع الحكيم العليم العلام القدوس السلام المنزه ذاته عن طريان التقضي والانصرام

وَ

<<  <  ج: ص:  >  >>