للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسيروا إليها وهي خيبر او مكة او فارس او الروم او كل ارض يفتح الله الى يوم القيامة وَلا تتعجبوا من كمال فضل الله وسعة جوده من أمثال هذه الكرامات إذ كانَ اللَّهُ المتعزز بالقدرة الكاملة والقوة التامة الشاملة عَلى كُلِّ شَيْءٍ من مقدوراته ومراداته قَدِيراً لا يعسر عنده مقدور دون مقدور بل الكل في جنب قدرته على السواء فارجع البصر هل ترى من فطور في مقدور حكيم قدير ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير. ثم لما اشتكت ازواج النبي صلّى الله عليه وسلّم من العسرة في المأكل والملبس وسألن منه ثياب الزينة والزيادة في النفقة والسعة في المعيشة وليس معه صلّى الله عليه وسلّم من حطام الدنيا ما يكفى مؤنتهن على هذا الوجه اغتم صلّى الله عليه وسلّم وتحزن حزنا شديدا فقال تعالى مناديا له

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ المفتخر المباهي بالفقر والفاقة قُلْ لِأَزْواجِكَ حين سألن عنك اسباب التنعم والترفه وسعة العيش على وجه التخيير إِنْ كُنْتُنَّ أيتها الحرائر العفائف تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها مطاعمها الشهية وملابسها البهية فَتَعالَيْنَ وتراضين أنتن أُمَتِّعْكُنَّ انا واعطكن المتعة حسب ما ترضين وَأُسَرِّحْكُنَّ وأطلقكن بعد اعطائها سَراحاً جَمِيلًا طلاقا رجعيا سنيا لا بدعيا بلا ضرر وإضرار

وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى رضاء الله ورسوله وَتطلبن الدَّارَ الْآخِرَةَ والمثوبات المعدة فيها والجنات المعهودة دونها فعليكن ان تصبرن عن لذائذ الدنيا ومشتهياتها وسعة مطعوماتها ولين ملبوساتها حتى تكن من زمرة المحسنات اللاتي تحسن في توجههن نحو الحق واللذة الاخروية مائلات عن امتعة الدنيا وعن عموم لذاتها وشهواتها معرضات عنها وعن أطعمتها وألبستها بالمرة سوى سد جوعة وستر عورة فَإِنَّ اللَّهَ المطلع لضمائر عباده قد أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ المرجحات جانب الله وجانب رسوله على مقتضيات اهوية نفوسهم واللذات الاخروية على لذات الدنيا وما فيها من اللذائذ والزخارف مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً يستحقر دونها الدنيا وما فيها من اللذات الفانية والشهوات الغير الباقية. ثم لما نبه سبحانه عليهن طريق الإحسان وعلمهن سبيل الفوز الى درجات الجنان أراد ان يجنبهن ويبعدهن عن دركات النيران فقال مناديا عليهن ليقبلن الى قبول ما يتلى عليهن

يا نِساءَ النَّبِيِّ قد اضافهن سبحانه إياه صلّى الله عليه وسلّم للتعظيم والتوقير من شأنكن التحصن والتحفظ عن مطلق الفحشاء والتحرز عن عموم المحارم والمكاره مطلقا واعلمن مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ وفعلة قبيحة وخصلة ذميمة عقلا وشرعا سيما مُبَيِّنَةٍ بينة ظاهر فحشها بنفسها او ظاهر واضح قبحها شرعا وعرفا على كلتا القرائتين يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ يعنى عذابكن ضعف عذاب سائر الحرائر لا أزيد فيها حتى لا يؤدى الظلم المنافى للعدالة الإلهية كما يضاعف عذاب سائر الحرائر بالنسبة الى الإماء وَكانَ ذلِكَ التضعيف والتشديد عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ليعذبكن البتة ان تأت إحداكن بها

وَمَنْ يَقْنُتْ ويطع على وجه الخضوع والخشوع مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ويداوم على إطاعتهما وانقيادهما بإتيان الواجبات وبترك المحظورات وعموم المنكرات والمكروهات وَتَعْمَلْ عملا صالِحاً من النوافل والمندوبات نُؤْتِها أَجْرَها وجزاء أعمالها وطاعاتها في يوم الجزاء مَرَّتَيْنِ مرة على مقابلة الأعمال المأتى بها وبمقتضى الطاعات المرضى عنها ومرة على ترجيحها رضى الله ورضى رسوله على مشتهيات نفسها وأمانيها وَمع ذلك التضعيف قد أَعْتَدْنا لَها وهيأنا لأجلها تفضلا منا إياها وامتنانا عليها وراء ما استحقت بالأعمال والطاعات رِزْقاً كَرِيماً صوريا في الجنة مما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ومعنويا

<<  <  ج: ص:  >  >>