للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متشاورين بينهم أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ عن أفعالنا ويستنزهون منها ولا مناسبة بيننا وبينهم فلهم ان يخرجوا من بيننا حتى يتلوثوا بافعالنا انما قالوا هذا تهكما واستهزاء ثم لما استحقوا لحلول العذاب والإهلاك وحان نزول البوار عليهم

فَأَنْجَيْناهُ اى أخرجنا لوطا من بينهم وَأمرنا له ان يخرج أَهْلَهُ ايضا عناية منا إياهم إِلَّا امْرَأَتَهُ المائلة عليهم الراضية بفعلتهم إذ هي منهم لذلك قَدَّرْناها في سابق قضائنا مِنَ الْغابِرِينَ الهالكين المصابين

وَبعد ما أخرجنا لوطا واهله من بينهم قد أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً اى مطر هو مطر الحجارة المهلكة فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ مطرهم الذي قد امطروا به بحيث لم يبق منهم ومن مساكنهم ومواشيهم شيء أصلا. وبعد ما قص سبحانه لحبيبه صلى الله عليه وسلم قصص بعض ارباب الطبقات من الأنبياء والرسل المختص بأنواع الفضائل والكرامات الموهوبة من عنده سبحانه إياهم تفضلا عليهم وامتنانا امره سبحانه بان بادر الى تجديد الشكر والثناء عليه سبحانه بما أولاهم من النعم العظام واعطاهم من الفواضل الجسام إبقاء لحقوق المواخاة والاتحاد الحقيقي الواقع بين الأنبياء العظام والرسل الكرام بعد رفع الإضافات ونزع البسة التعينات الناسوتية والتشرف بلبس الخلعة اللاهوتية فقال سبحانه

قُلِ يا أكمل الرسل بعد ما تلونا عليك بعض فضائل اخوانك تحميدا علينا من قبلهم وتسليما منا إياهم الْحَمْدُ والثناء الكامل اللائق الصادر من ألسنة عموم اهل النعم والانعام من الثقلين وغيرهم ثابت لِلَّهِ الواحد الأحد الحقيق بجميع المحامد والاثنية الصادرة عن ألسنة عموم من رش سبحانه عليهم رشحات بحر وجوده وامتد عليهم اظلال أسمائه وصفاته بمقتضى جوده وَسَلامٌ منه سبحانه ورحمة نازلة من لدنه على التواتر والتوالي عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى سبحانه واختارهم من بين البرايا لإرشاد التائهين في بيداء الغفلة والضلال وتكميل الناقصين المنحطين عن رتبة الخلافة والنيابة بميلهم الى فضلات الدنيا العائقة عن الوصول الى دار الخلافة التي هي التوحيد المسقط لتوهم الإضافات مطلقا قل يا أكمل الرسل بعد ما قد ظهر الحق عندك مستفهما مقرعا للمشركين المتخذين غير الله الها جهلا وعنادا آللَّهُ الواحد الأحد القادر المقتدر المدبر لمصالح عباده الموصل لهم بعد تصفية ظواهرهم وبواطنهم الى ما قد جبلوا لأجله من معرفة مبدئهم ومعادهم خَيْرٌ واحسن وانفع واولى وأليق لهم أَمَّا يُشْرِكُونَ له عنادا ومكابرة من الاظلال الهالكة في أنفسها المجبورة المستهلكة تحت قهر الله وقدرته الكاملة ثم قرع عليه سبحانه من انواع التقريعات والتوبيخات ما قرع تتميما لردعهم وتكميلا لزجرهم فقال

أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ اى عالم الأسباب العادية العلوية وَالْأَرْضَ اى عالم الطبيعة السفلية القابلة لقبول فيضان آثار الفواعل العلوية وَمن أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ جانب السَّماءِ ماءً محييا لأموات الأراضي القابلة اليابسة بالطبع فَأَنْبَتْنا بِهِ اى بالماء بعد ما أنزلناه من جانب السماء حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ وبهاء ونضارة وصفاء ما كانَ اى ما صح وما أمكن لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها بل شجرة واحدة من جملة أشجارها لولا امداد الله وانباته إياها أَإِلهٌ اى أتدعون وتعبدون وتدعون الها آخر مَعَ اللَّهِ المدبر لمصالحكم بالاستقلال وبكمال الارادة والاختيار بَلْ هُمْ اى المتخذون غير الله الها قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ويصرفون عن الحق الصريح الذي هو التوحيد الى الباطل الزاهق الزائل الذي هو الشرك في ألوهيته واثبات الغير معه في الوجود وادعاء استحقاق العبادة إياه عنادا ومكابرة

أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً اى مقرا تستقرون عليها وتعيشون فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>