للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى دركاتها واغوارها الهوية النيرانية المعدة لكم بدل ما فوتم أنتم على انفسكم من الدرجات العلية الجنانية وكونوا خالِدِينَ فِيها ابد الآباد فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ومأواهم جهنم البعد والخذلان وجحيم الطرد والحرمان. أعاذنا الله وعموم المؤمنين منها وبعد ما قد ظهر واتضح مآل حال الكفرة المستكبرين وعاقبة أمرهم

فَاصْبِرْ أنت يا أكمل الرسل على أذاهم وانتظر الى مقتهم وهلاكهم الموعود وثق بالله في انجاز وعده إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ المقتدر الحكيم باهلاك المشركين المكذبين المسرفين حَقٌّ ثابت محقق إنجازه ووقوعه البتة بلا خلف منه سبحانه إذ الله لا يخلف الميعاد مطلقا الا ان وعده سبحانه مرهون بأجل مقدر عنده فلا تحزن من تأخير الموعود ولا تعجل بحلول الأجل المعهود فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ اى فان نرك ونبصرك زيدت ما في أول الفعل والنون في آخره للتأكيد والمبالغة بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من القتل والسبي والجلاء فذاك وتحقق وعدنا إياك أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ونميتنك قبل حلول أجل إهلاكهم وتعذيبهم فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ يعنى لا تحزن من تأخير الموعود بعد توفيك ايضا إذ نحن نعذبهم وننتقم عنهم بعد رجوعهم إلينا في النشأة الاخرى بأضعاف ما في النشأة الاولى وآلافها

وَبالجملة بعد ما قد وعدنا لهم العذاب لانحرافهم عن سبيل الرشد مصرين على المكابرة والعناد ننجز الموعود البتة سواء كان عاجلا او آجلا فعليك ان لا تتعب نفسك بتعجيل العذاب عليهم قبل حلول الأجل المقدر من عندنا إذ لَقَدْ أَرْسَلْنا من مقام جودنا رُسُلًا كثيرين مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا قصصهم عَلَيْكَ في كتابك هذا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ولم نذكر قصتهم في كتابك إذ ما يعلم قصص جنودنا وما جرى عليهم من تفاصيل أحوالهم الا نحن وَبالجملة ما كانَ اى ما صح وما جاز لِرَسُولٍ من الرسل أَنْ يَأْتِيَ ويعجل بِآيَةٍ مقترحة او غير مقترحة من تلقاء نفسه إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ووحيه وبمقتضى مشيته وارادته سبحانه بل له ان ينتظر الوقت الذي قد عين سبحانه ظهورها فيه إذ جميع الآيات والمعجزات الباهرات موهوبة من الله مقسومة بين أنبيائه ورسله بمقتضى قسمته سبحانه في حضرة علمه ولوح قضائه لا يسع لاحد منهم ان يعجل بها او يؤخر عن وقتها بل فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ العليم الحكيم بتعذيب المشركين واثابة الموحدين قُضِيَ بِالْحَقِّ جميع المقضيات الإلهية سواء كانت من جنس المثوبات او العقوبات وَبالجملة كما خَسِرَ وخاب هُنالِكَ اى عند وقوع المقضى وظهوره الْمُبْطِلُونَ المستوجبون لانواع العذاب والنكال قد ربج ونال حينئذ المحقون المستحقون لأصناف المثوبات واللذات الروحانية وكيف لا يكون كذلك إذ مقاليد عموم الأمور كلها بيد الله وفي قبضة قدرته إذ

اللَّهُ المتفرد بالالوهية والربوبية هو الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ مسخرة مقهورة لكم محكومة تحت أمركم وحكمكم لِتَرْكَبُوا مِنْها ما يليق بركوبكم تتميما لتربيتكم وحضوركم وَايضا قد جعل لكم مِنْها اى من الانعام ما تَأْكُلُونَ لتقويم امزجتكم وتقوية بنيتكم

وَجعل لَكُمْ فِيها ايضا مَنافِعُ كثيرة كالالبان والاصواف والاشعار والأوبار وغير ذلك وَلِتَبْلُغُوا اى لتصلوا وتنالوا بالحمل والركوب عَلَيْها اى على الانعام حاجَةً مطلوبة لكم مركوزة فِي صُدُورِكُمْ ونفوسكم ولولا ركوبكم وحملكم عليها لم تصلوا إليها الا بشق الأنفس وَبالجملة عَلَيْها اى على الانعام في البوادي والبراري وَعَلَى الْفُلْكِ في البحار تُحْمَلُونَ يعنى قد سهل عليكم سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>