للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتمكنين منهم على جادة التوحيد والصراط المستقيم الموصل الى جنة الرضا وروضة التسليم وبعد ما سمعت نبذا من شأنك في نشأتك الاخرى

فَلا تُطِعِ ايها النبي المجبول على فطرة الهداية والفلاح الْمُكَذِّبِينَ المجبولين على فطرة الغواية والضلالة يعنى مشركي مكة خذلهم الله فإنهم كانوا يدعونه الى دين آبائه فنهاه سبحانه ان يطيعهم ويقبل منهم دعوتهم فإنهم وان

وَدُّوا وأحبوا لَوْ تُدْهِنُ وتلاين أنت معهم وتوافقهم في دينهم فَيُدْهِنُونَ ايضا معك ويلاينونك ويوافقونك ولا يطعنون لدينك حينئذ لكن لا يليق بشأنك هذا

وَبعد ما قد صرت يا أكمل الرسل متخلقا بالخلق العظيم ومتصفا بالأوصاف الحميدة الإلهية لا تُطِعْ آراء ذوى الأخلاق الذميمة والأطوار القبيحة مطلقا سيما كُلَّ حَلَّافٍ مبالغ بالحلف الكاذب لترويج الباطل الزاهق الزائل مَهِينٍ مهان عند الناس بسبب الكذب المفرط والحلف الكاذب عليه

هَمَّازٍ عياب طعان يغتاب ويطعن بعض الناس عند بعضهم مَشَّاءٍ يدور بين الناس بِنَمِيمٍ اى بنقل حديث بعض عند بعض حتى يوقع بينهم الفتنة والبغضاء

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ شحيح بخيل لا ينفق من ماله على المستحقين ويمنع ايضا صديقه وصاحبه عن الانفاق لئلا يلحق العار والتعيير عليه خاصة مُعْتَدٍ متجاوز الحد في أنواع الظلم واصناف الفسوق والعصيان أَثِيمٍ مبالغ في اقتراف الإثم والعدوان بلا مبالاة بوخامة شأنه

عُتُلٍّ غليظ الهيكل قاسى القلب كريه المنظر عريض القفاء متناه في البلادة سيما بَعْدَ ذلِكَ اى بعد الاتصاف بالأوصاف المذمومة المذكورة زَنِيمٍ دعىّ بين القوم لا يكون له نسب معروف ولا حسب مستحسن مقبول ومن كمال دناءته وخساسته

أَنْ كانَ ذا مالٍ اى انه كان ذا مال عظيم وَبَنِينَ كثيرة فلا بد له ان يشكر المنعم المتفضل ومع ذلك لم يشكره بل يكفره لأنه

إِذا تُتْلى عَلَيْهِ وعنده آياتُنا الدالة على وحدة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا قالَ من غاية كفره وكفرانه ونهاية بغيه وعدوانه ما هذا الا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اى الأكاذيب القديمة التي سطرها الأولون ودونوها في كتبهم قيل هذا هو الوليد بن المغيرة الذي جمع الله فيه هذه المثالب الذميمة والمساوى القبيحة وبالجملة لا تطعه أنت يا أكمل الرسل ولا تلتفت الى ثروته وسيادته بحال من الأحوال فانا بمقتضى قهرنا وجلالنا

سَنَسِمُهُ ونعلمه بالكي عَلَى الْخُرْطُومِ اى على انفه بحيث يعرف ويعلم به في عرصات المحشر

إِنَّا بمقتضى جلالنا وقهرنا وانتقامنا من اهل مكة قد بَلَوْناهُمْ اى أصبناهم وابتليناهم بالقحط سبع سنين لكفرانهم بنعمنا التي من معظمها بعثة الرسول الذي هو أكمل الرسل منهم ومن شيعتهم فكذبوه وأنكروا عليه وعلى دينه وكتابه واستهزؤا به كَما بَلَوْنا وأصبنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ التي اسمها ضروان كانت دون صنعاء بفرسخين لصالح قد كان ينادى الفقراء وقت الصرام والقطع فلما مات الصالح قال بنوه ان فعلنا مثل ما كان يفعل أبونا لضاق علينا الأمر فان المال قليل والعيال كثير وكان مال أبينا كثيرا وعياله قليلا فحلفوا فيما بينهم ليصر منها مصبحين خوفا من شدة هجوم المساكين كما حكى عنهم سبحانه إِذْ أَقْسَمُوا يعنى أولاد الصالح وورثته لَيَصْرِمُنَّها وليقطعنها مُصْبِحِينَ داخلين في الصباح

وَلا يَسْتَثْنُونَ اى لا يتكلمون بكلمة ان شاء الله حين تقاولوا وتقاسموا وهم بعد ما اتفقوا على حرمان الفقراء ومع ذلك لم يفوضوا أمورهم الى مشية الله

فَطافَ عَلَيْها اى على تلك الجنة طائِفٌ اى بلاء مخصوص بها حيث أحاط جميع جوانبها ولم يضر ما في حواليها من الجنان والبساتين الاخر

<<  <  ج: ص:  >  >>