للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنعم الله في السراء والضراء مقتصدا بين الخوف والرجاء مفوضا عموم أمورك الى المولى متعطشا في جميع احوالك الى شرف اللقاء وما هذا الا التقوى والوصول الى الجنة المأوى وسدرة المنتهى. رزقنا الله وعموم عباده الوصول إليها والتحقق دونها بمنه وجوده

[سورة الصف]

[فاتحة سورة الصف]

لا يخفى على من تحقق بمرتبة اليقين الحقي وتمكن عليها بعد ترقيه عن اليقين العلمي والعيني وخلص عن مطلق التلوين والتخمين وخاض في لجة بحر الوجود متصفا بأنواع الكشف والشهود وروى عن الحوض المورود ووصل الى المقام المحمود ان جميع ما صدر من أمثال هؤلاء الواصلين من الأعمال والأقوال وعموم المعاملات والأحوال انما هو على مقتضى الاعتدال مائلا عن كلا طرفي الإفراط والتفريط إذ الواصلون انما هو المتخلقون بأخلاق الله المتصفون بأوصافه المعتدلة وأسمائه الغير المتبدلة والمؤمنون المخلصون لا بد وان يكون عموم مقاصدهم منتهيا الى الوصول بالوحدة الحقيقة الحقية والتحقق بالتخلق بعموم الأوصاف الذاتية بل توجه جميع المظاهر وتسبيحهم وتحننهم لأجل هذا المطلب الأعلى والمقصد الأقصى حقيقة ولكن لا يفقهون تسبيحهم الا قليلا لذلك اخبر سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بتوجه عموم مظاهره نحوه طوعا ثم نادى المؤمنين بما نادى إرشادا لهم وإصلاحا لحالهم فقال بعد ما تيمن باسمه العزيز بِسْمِ اللَّهِ الذي تجلى على ما تجلى بمقتضى العدالة الرَّحْمنِ عليهم بوضع الميزان الموصل لهم الى دار السلام الرَّحِيمِ يوصلهم الى فضاء الوجوب بعد انخلاعهم عن لوازم الإمكان قد

[الآيات]

سَبَّحَ لِلَّهِ وتوجه نحوه بكمال التقديس والتنزيه عموم ما ظهر فِي السَّماواتِ اى فواعل العلويات وَما ظهر فِي الْأَرْضِ اى قوابل السفليات وَكذا المركبات والممتزجات الكائنة بينهما وكيف لا يتوجه نحوه عموم الموجودات إذ هُوَ الْعَزِيزُ الغالب على مطلق المرادات والمقدورات الْحَكِيمُ المتقن في جميع التقديرات والتدبيرات. ثم لما عاهد المسلمون مع الله عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقالوا لو علمنا أحب الأعمال الى الله لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا فنزل ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله الآية فولوا يوم احد مدبرين منهزمين ولم يوفوا بعهدهم فنزلت

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم الوفاء بالعهود لِمَ تَقُولُونَ وقت المعاهدة والميثاق مع الله ما لا تَفْعَلُونَ ولا توفونه وقت الوفاء واللقاء واعلموا ايها المؤمنون انه قد

كَبُرَ مَقْتاً وعظم جريمة وذنبا عِنْدَ اللَّهِ المنتقم الغيور أَنْ تَقُولُوا وتعاهدوا معه سبحانه ما لا تَفْعَلُونَ في وقته ولا تنجزون المعهود والموعود وكيف لا

إِنَّ اللَّهَ المفضل العليم الحكيم يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ لترويج دينه وإعلاء كلمة توحيده صَفًّا مصطفين متظاهرين متعاونين كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ منضد محكم مضموم بعضها مع بعض بحيث لا فرج فيها ولا شقوق ثم اعلموا ان عدم وفائكم بالعهود لا ينقص شيأ من عظمة الله كما ان وفاءكم بها لا تزيد فيها لكن نقضكم الميثاق يؤذى النبي وإيذاء النبي مستلزم لإيذاء الله وهو يستلزم بغضه سبحانه وأذاه ومقته وغضبه على المؤذى

وَاذكر يا أكمل الرسل للمناقضين قصة تأذى أخيك موسى الكليم صلوات الله عليه من قومه وقت إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ حين رموه بالبغية وعيروه بالادرة يا قَوْمِ ناداهم وأضافهم الى نفسه على مقتضى ملاينة ارباب الرسالة مع أممهم لينزجروا عن سوء الأدب لِمَ تُؤْذُونَنِي بأمثال

<<  <  ج: ص:  >  >>