للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انهم مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ اى يدعون إتيانه إياهم وهم ليسوا على مقتضى الكتاب وان ادعوا وبالجملة لا تبالوا بهم وبادعائهم بل قاتلوهم الى ان تذلوهم وتصاغروهم حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ اى ٢ التي يجزى او يعفى بها دينهم إياهم حماية له عَنْ يَدٍ اى حال كون اعطائهم صادرا منهم عن يد قاهرة غالبة عليهم وَهُمْ في حين العطاء والإعطاء صاغِرُونَ ذليلون مهانون بحيث يؤخذ من لحاهم ويضرب في لهازمهم وبالجملة خذوا الجزية منهم على وجه تضطروهم وتلجؤهم الى الايمان

وَكيف لا يقتل هؤلاء الكفرة المشركون إذ قالَتِ الْيَهُودُ منهم عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ المنزه عن مطلق الزواج والازدواج والأبوة والبنوة إذ هي من لوازم البشر وَقالَتِ النَّصارى ايضا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ذلِكَ المقول المهمل قَوْلُهُمْ دائما جاريا بِأَفْواهِهِمْ وان فرض مخالفة اعتقادهم قولهم هذا فلا اقل انهم يُضاهِؤُنَ ويشابهون بقولهم هذا قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا وأشركوا مِنْ قَبْلُ بأمثال هذه المهملات حيث قالوا الملائكة بنات الله لذلك قاتَلَهُمُ اللَّهُ واهلكهم بأمثال هذه المقالات المهملة أَنَّى يُؤْفَكُونَ اى كيف يصرفون أولئك الحمقى الناكبون عن الحق الصريح الى الباطل الزائغ الرائل

وبالجملة اتَّخَذُوا من فرط جهلهم وحيث طينتهم أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مستقلين في الوجود متأصلين فيه مِنْ دُونِ اللَّهِ المنزه عن الشريك مطلقا المستقل في الوجود المتفرد فيه بلا وجود لغيره أصلا الى حيث يعبدونهم كعبادة الله وَخصوصا الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَالحال انهم ما أُمِرُوا في كتبهم التي قد ادعوا العمل بمقتضاها إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً أحدا صمدا فردا وترا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا إذ لا إِلهَ ولا موجود إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ له من مصنوعاته واظلاله

وبالجملة يُرِيدُونَ بأمثال هذه المفتريات الباطلة أَنْ يُطْفِؤُا اى يخمدوا ويستروا نُورَ اللَّهِ المتجلى في الآفاق المتشعشع في الكائنات بِأَفْواهِهِمْ اى بشركهم الناشئ من أفواههم بلا سند من عقل او نقل او كشف صريح وشهود ظاهر وَيَأْبَى اى يمنع اللَّهِ المنزه عن التعدد مطلقا ان يكون له شريك في الوجود إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ اى سوى ان يتجلى بجميع أوصافه وأسمائه على من استخلفه من خلقه فيتراءى منه جميع آثار أسمائه وعكوس أوصافه وأخلاقه الا وهو المظهر الكامل الجامع المحمدي الذي قد اتحد دون مرتبته صلّى الله عليه وسلّم قوس الوجوب والإمكان ودائرتا الغيب والشهادة لذلك قال صلى الله عليه وسلّم انا بعثت لأتمم مكارم الأخلاق قال ايضا انا سيد ولد آدم وقال ايضا آدم ومن دونه تحت لوائى وقال ايضا من أطاعني فقد أطاع الله ومن رآني فقد رأى الحق ونزل في شانه اليوم أكملت لكم دينكم الى غير ذلك مما دل على وحدة مرتبته واحاطتها على جميع المراتب لذلك ختم به صلّى الله عليه وسلّم امر الرسالة والتشريع وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ الساترون ظهور الحق المريدون اطفاء نور الوجود في المشكاة المحمدية

وكيف يريدون اطفاء نوره اللائح اللامع من المظهر الجامع المحمدي مع انه سبحانه هُوَ القادر المقتدر والقيوم المطلق الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ الهادي بِالْهُدى العام الشامل لكافة البرايا وَدِينِ الْحَقِّ الا وهو الإسلام المنزل على خير الأنام لِيُظْهِرَهُ اى الرسول ودينه عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اى على كل الأديان وينسخ جميعها به لابتناء دينه على التوحيد الصرف الخالي عن شوب الثنوية وشين الكثرة مطلقا وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ظهوره بالهداية العامة ونسخ دينه جميع الأديان لخبث باطنهم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالله وبرسوله

<<  <  ج: ص:  >  >>