للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنا عليها في دار الدنيا

مع انا لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ على لسان من جاءنا بادعاء الرسالة والنبوة وَقد وعد ايضا آباؤُنا وأسلافنا ايضا هذا الموعود المخصوص على لسان من جاء به مِنْ قَبْلُ وهلم جرا مع انا ولا آباؤنا وأسلافنا لم نر من علامات صدقه وامارات وقوعه شيأ أصلا وبالجملة إِنْ هذا وما هذا الوعد الموعود والقول المعهود وهو انكم إذا مرقتم كل ممزق انكم لفي خلق جديد إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اى أباطيلهم وأكاذيبهم التي قد سطروها في دواوينهم وكتبهم على وجه السمرة والخدعة لضعفاء الأنام وبعد ما بالغوا في الإنكار على البعث والإعادة وعدم قدرتنا عليها مع انا قادرون على الإبداء والإنشاء عن لا شيء

قُلْ لهم يا أكمل الرسل إلزاما عليهم وتبكيتا لِمَنِ الْأَرْضُ المفروشة وَمَنْ فِيها وعليها من انواع النباتات والحيوانات والمعادن ومن المظهر لها من كتم العدم ومن المزين المنبت عليها من الأجناس المختلفة أخبرونا عن موجدها ومخترعها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اى من ذوى الشعور والإدراك

سَيَقُولُونَ في الجواب البتة لِلَّهِ إذ لا يمكنهم انكار الصريح المحقق قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما اعترفوا بان الأرض ومن عليها لله سبحانه موبخا عليهم ومقرعا أَتنكرون ايها الجاهلون قدرة الله على اعادة المعدوم وحشر الأجساد فَلا تَذَكَّرُونَ ولا تستحضرون قدرة الحق على إبداع هذه البدائع وإيداع هذه العجائب المستحدثة على الأرض بلا سبق مادة ومدة ومع ذلك تنكرون اعادة من عليها سيما بعد سبق المادة مع ان هذا أهون علينا من ذلك

قُلْ لهم ايضا إلزاما وتبكيتا مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ الشداد المطبقات المزينات بالكواكب وَمن رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ المحيط بالكل المحرك لها على وجه السرعة التامة والحركة السريعة الشديدة بلا تخلل سكون أصلا

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ إذ لا يسع لهم الخروج عن مقتضى صريح العقل قُلْ لهم يا أكمل الرسل أَفَلا تَتَّقُونَ وتحذرون عن قهر الله وغضبه تنكرون منه أهون مقدوراته وأسهل مراداته مع انكم قد اعترفتم باشدها وأصعبها

قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما تأكد إلزامهم وافحامهم كلاما جمليا شاملا لعموم مقدورات الله ومراداته مَنْ بِيَدِهِ وقبضة قدرته وتحت حوله وقوته مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وملكه يتصرف فيه حسب ارادته واختياره على سبيل الاستقلال وَمن هُوَ يُجِيرُ يغيث ويعين الملهوف والمضطر إذا دعاه وَلا يُجارُ ولا ينصر عَلَيْهِ إذ هو سبحانه يعلو ولا يعلى عليه أخبروني إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اى من ذوى الخبرة والشعور

سَيَقُولُونَ ايضا بلا تردد لِلَّهِ اختصاصا وملكا تصرفا واستقلالا ارادة واختيارا قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما اثبتوا اليد الغالبة والقدرة التامة الكاملة والفاعلية المطلقة بالإرادة والاختيار فاعل المختار اختصاصا واستقلالا فَأَنَّى تُسْحَرُونَ اى من اين تخدعون وتلبسون للخروج عن مقتضى العقل والرشد في المقدور المخصوص والمراد المعين حتى تنكروا له ولم تقبلوا وقوعه مع ورود الآيات الكثيرة الكبيرة في الكتب الإلهية والصحف السماوية مطلقا الدالة على وقوعه

بَلْ ما أَتَيْناهُمْ كل ما أتيناهم اى للأنبياء والرسل الهادين المهديين من التوحيد ولوازمه من الايمان بالغيب وعموم المأمورات والمنهيات الصادرة منا المنزلة على رسلنا وجميع ما أوحينا وألهمنا على رسلنا الا بِالْحَقِّ الصدق المطابق لما في حضرة علمنا المحيط ولوح قضائنا الشامل الجامع بلا توهم البطلان في شيء منها وَبالجملة إِنَّهُمْ اى أولئك المكذبين المسرفين لَكاذِبُونَ البتة في نسبة الكذب إلينا وإليها وإليهم الا لعنة الله على الكاذبين

<<  <  ج: ص:  >  >>