للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محفوظة مسورة معجزة مُطَهَّرَةً عن مطلق الرذائل بحيث لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إذ هي منزلة من حكيم عليم

فِيها اى في خلالها ومطاويها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ اى مكتوبات صادقة حقية مملوة من الأوامر والنواهي والاحكام المتعلقة بدين الإسلام صادقة في نفس الأمر مطابقة للواقع مستقيمة لا عوج لها ولا انحراف فيها ناطقة بالحق الصريح

وَبالجملة ما تَفَرَّقَ واختلف في الإنكار والاعتقاد والايمان والكفر الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ يعنى ما تفرق تلك الأمم عماهم عليه من تصديق النبي الموعود الا من بعد ما ظهر الرسول الموعود ولاحت البينة الواضحة الدالة على صدقه في نبوته ودعوته ألا وهو القرآن المعجز المبين لشعائر الإسلام وبالجملة قد اختلفوا في شأنه صلى الله عليه وسلم بعد بعثته فمنهم من آمن به على مقتضى ما وجده في كتابه ومنهم من كفر وأنكر عليه عنادا ومكابرة ولهذا قد حرفوا أوصافه المذكورة في الكتب السالفة مع انهم لم يجدوا في دينه وكتابه ما يخالف احكام كتبهم واديانهم وَالحال انهم ما أُمِرُوا في كتبهم إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ الواحد الأحد الصمد الحقيق بالحقية والألوهية مُخْلِصِينَ مخصصين لَهُ الدِّينَ والانقياد بلا اشراك والحاد حُنَفاءَ مائلين عن مطلق الأديان الباطلة وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ المكتوبة لهم في أوقاتها الموعودة المحفوظة وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ المصفية لأموالهم على وجهها وَذلِكَ الذي أمروا به في كتبهم دِينُ الْقَيِّمَةِ يعنى ملة الإسلام المستقيمة التي قد ظهر عليها محمد صلى الله عليه وسلم بلا تغير وانحراف فيه واختلاف وبالجملة هم ما كفروا وأنكروا نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم الا عنادا ومكابرة بلا مستند صحيح لا عقلي ولا نقلي وبالجملة

إِنَّ المكابرين المعاندين الَّذِينَ كَفَرُوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَمن الْمُشْرِكِينَ المعاندين هم داخلون فِي نارِ جَهَنَّمَ التي هي دار الطرد والحرمان خالِدِينَ فِيها ابدا لا يتحولون عنها أصلا الا الى عذاب فوق ذلك العذاب وأشد منه وبالجملة أُولئِكَ الأشقياء المردودون المطرودون عن ساحة عز القبول هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ وأسوأ الخليقة واردؤهم كأنهم مقصورون على الشرارة والرداءة مجسمون منها. ثم قال سبحانه على مقتضى سنته

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا منهم بوحدة الحق وصدقوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقبلوا دعوته ودينه حسب ما وجدوا في كتبهم وسمعوا وصفه من أسلافهم بلا تحريف ولا تغيير وَمع ذلك قد عَمِلُوا الصَّالِحاتِ المقربة لهم الى الله المرضية عنده سبحانه أُولئِكَ السعداء المقبولون عند الله هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ واحسن الخليقة

جَزاؤُهُمْ اى أجزأتهم الحسنة التي قد استحقوها بايمانهم وأعمالهم عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ متنزهات علم وعين وحق تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى جداول المعارف والحقائق الممتدة المترشحة من بحر الحقيقة خالِدِينَ فِيها أَبَداً دائمين فيها أمدا سرمدا وبالجملة قد رَضِيَ اللَّهُ المنعم المتفضل العليم الحكيم عَنْهُمْ وعن أعمالهم ونياتهم وإخلاصهم فيها وَرَضُوا ايضا عَنْهُ سبحانه بما قسم الله لهم وأفاض عليهم حسب استعداداتهم وقابلياتهم وبالجملة ذلِكَ الأجر الجزيل والرضاء الجميل لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ وخاف عن سخطه وغضبه وعن القيام بين يديه فامتثل أوامره واجتنب نواهيه واتصف بالتقوى عن مطلق محارمه ومحظوراته. جعلنا الله من زمرتهم وخدامهم

<<  <  ج: ص:  >  >>