للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمدفونة المخزونة في السفليات وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ المصرين على الكفر والعناد لا يَفْقَهُونَ كمال قدرة الله وسعة خزائن كرمه وجوده ومن نهاية غفلتهم عن الله وعداوتهم مع المؤمنين

يَقُولُونَ على سبيل التهور والتهديد لَئِنْ رَجَعْنا من سفرنا هذا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ يريدون أنفسهم مِنْهَا اى المدينة الْأَذَلَّ يريدون المؤمنين وذلك ان أعرابيا من المهاجرين نازع أنصاريا في بعض الغزوات على ماء فضرب الأعرابي رأسه بخشبة فشكى الى ابن ابى وملائه فقالوا حينئذ لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وإذا رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل وَلم يعلموا أولئك الغواة الطغاة الضالون في تيه العتو والعناد انه لِلَّهِ الْعِزَّةُ والقوة والغلبة اصالة وَلِرَسُولِهِ تبعا وَلِلْمُؤْمِنِينَ بمتابعة الرسول وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ عزته وعزة اهل الله لفرط جهلهم وغرورهم بأموالهم وأولادهم لذلك يحصرون العزة والقوة لأنفسهم. ثم قال سبحانه تسلية للمؤمنين مشتملة على نوع من التعريض والحث والترغيب

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم ان لا تلتفتوا لعزة الدنيا ولا تغتروا بكثرة الأموال والأولاد فيها لا تُلْهِكُمْ ولا تشغلكم أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وعن التوجه نحوه والركون اليه في مطلق الأحوال وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ والتفت الى مزخرفات الدنيا وشغل بها عن الله فَأُولئِكَ البعداء المشغولون بالخسيس الأدنى عن الشريف الأعلى هُمُ الْخاسِرُونَ المقصورون على الخسران الكلى والحرمان الحقيقي لاستبدالهم الباقي بالفاني والزاهق الزائل بالقار القديم

وَبعد ما سمعتم مآل أموالكم وما يتفرع عليها من الحرمان والخسران أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ وسقنا نحوكم من اموال الدنيا وزخارفها مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ يعنى أنفقوا قبل حلول الأجل وظهور امارات الموت وعلامات الفزع فَيَقُولَ المحتضر منكم حينئذ متحسرا متمنيا رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي وهلا أمهلتني يا رب إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ وأمد غير بعيد فَأَصَّدَّقَ وأتصدق من مالي هذا على الوجه المأمور طلبا لمرضاتك وَبعد التصدق أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ المنفقين الممتثلين لأمرك المقبولين عندك يا ربي

وَاعلموا ايها المؤمنون يقينا انه لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ الحكيم العليم نَفْساً ولن يمهلها ابدا إِذا جاءَ أَجَلُها وحل ما قدر لها من الوقت الذي قدر فيه رد الامانة وكذا لن يقدمها عليه أصلا فعليكم التدارك والتلافي قبل حلول الأجل وَبالجملة اللَّهُ المراقب عليكم في عموم أحوالكم خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ في ايام حياتكم من خير وشر فيجازيكم على مقتضى خبرته بلا فوت شيء من عملكم خيرا كان او شرا

[خاتمة سورة المنافقين]

عليك ايها المحمدي المنكشف برجوع العكوس والاظلال الظاهرة الحادثة الى ما منه بدت وظهرت ألا وهي شمس الوحدة الذاتية ان تعرف ان اظهار المظاهر وبسط الظل عليها وامتداده فيها انما هو بغتة بلا سبق مادة ومدة وآلة ومقدمة كذلك القبض والإخفاء انما يكون كذلك فلك ان تكون في مدة ظهورك على ذكر من ربك بحيث لا يشغلك عن ذكره شيء ساعة ولا تغفل عنه وعن التوجه نحوه لحظة وطرفة فإنك ما تدرى متى يحل الأجل فإذا حل لم يمكنك التدارك والتلافي. جعلنا الله من زمرة المستيقظين في عموم الأحوال بمنه وجوده

<<  <  ج: ص:  >  >>