للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في القرآن كثير

ثم قال سبحانه الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ المبين لهم طريق توحيد الصفات والأفعال المنبه لهم على توحيد الذات وعلى من يظهر به هم يَعْرِفُونَهُ اى النبي الموعود الذي جاء به بالأوصاف والخواص المبينة في كتابهم كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ الذين هم خلقوا من أصلابهم بل أشد من ذلك لإمكان الخلاف في أبنائهم دونه وَمع ذلك إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ عنادا واستكبارا لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ الثابت في كتابهم وَهُمْ ايضا يَعْلَمُونَ حقيته جزما وما يكتمونه إلا مكابرة وعنادا

وبالجملة الْحَقُّ الذي أنت قد ظهرت به ونسخت عموم الأديان والاحكام بسببه انما هو ناش مِنْ رَبِّكَ الذي أظهرك مظهرا كاملا لذاته فَلا تَكُونَنَّ أنت ومن تبعك مِنَ الْمُمْتَرِينَ الشاكين في توحيد الذات كما كنتم قبل الانكشاف

اعلموا ان كُلٍ

اى لكل فرد فرد من افراد الأمم جْهَةٌ

مقصد وقبلة معينة من الأوصاف والأسماء الذاتية الإلهيةوَ مُوَلِّيها

حسب اقتضائها الذاتي وغلبتها الحقيقيةاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ

اى بادروا ايها المحمديون الى منشأ جميع الخيرات ومنبع عموم المبرات الناشئة من الأسماء والصفات الا وهو الذات الوحدانية المستجمعة لجميعهايْنَ ما تَكُونُوا

من مقتضيات الأوصاف والأسماء الذاتيةأْتِ بِكُمُ اللَّهُ

اى الذات الجامعة لهامِيعاً

مجتمعين بعد رفع التعينات الناشئة من الصفات نَّ اللَّهَ

المتجلى بالأوصاف الذاتيةلى كُلِّ شَيْءٍ

من المظاهر المتعينة المتكثرة بحسب المبدأ والاسم الظاهردِيرٌ

على رفع التعينات المسقط لجميع الكثرات بحسب المعاد والاسم الباطن

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ أنت يا أكمل الرسل عن مقتضى كعبة الذات بغلبة حكم بعض الصفات فَوَلِّ وَجْهَكَ منها متذكرا شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وكعبة الذات المحرم فيه التوجه الى السوى والغير مطلقا وَإِنَّهُ اى شأن التوجه نحوه لَلْحَقُّ اى الثابت النازل مِنْ رَبِّكَ الذي رباك بمقتضى جميع أوصافه وأسمائه وَاعلم انه مَا اللَّهُ المطلع على عموم السرائر والخفايا بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أنت ومن اتبعك وعلى مقتضى علمه تجازون أنتم في يوم الجزاء

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ أنت يا أكمل الرسل عن مقتضى توحيد الذات بتكفير بعض المظاهر وبترك ما يستقبلونه أولئك المستقبلون فَوَلِّ أنت وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الجامع لجميع المظاهر ونحو قبلة الذات وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ أنتم ايها المؤمنون فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ اقتداء لرسولكم لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ المعترضين عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ غلبة بادعائكم التوحيد الذاتي وإخراجكم بعض المظاهر منه إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ بنفي ذات الله وصفاته الا وهم الدهريون القائلون بوجود الطبائع بلا فاعل خارجى فإنهم لا يلزمون ولا ينزجرون بأمثاله فَلا تَخْشَوْهُمْ ولا تخافوا منهم في التوجه الى الكعبة الحقيقية ولا تبالوا بهم وبهذياناتهم بل وَاخْشَوْنِي في عدم التوجه الى حتى لا تحرموا عن مقتضيات بعض الأوصاف وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي الواصلة حسب أوصافي وأسمائي واوفرها عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ الى ذاتى بسببها ومن إتمام نعمنا عليكم انا قد هديناكم الى جهة الكعبة الحقيقية وأمرناكم بالتوجه نحوها والعكوف حولها

كَما أَرْسَلْنا من مقام جودنا فِيكُمْ رَسُولًا هاديا لكم ناشئا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ أولا آياتِنا اى آثار اوصافنا الدالة على وحدة ذاتنا وَثانيا يُزَكِّيكُمْ من الأهواء الباطلة والآراء الفاسدة الصادرة من العقل الجزئى الغير المتصل بعقل الكل وَثالثا يُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ الموضح للدلائل والآيات المبين للآراء والمعتقدات المميز الفاصل بين صحيحها

<<  <  ج: ص:  >  >>