للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجارية على السنة العوام بلا اثبات شيء ونفيه بل على سبيل الاتفاق فمما يعفى عنه لذلك

قال سبحانه لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ الواقع فِي أَيْمانِكُمْ بلا قصد وارادة وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ بواسطة الايمان الكاذبة من الأمور الباطلة التي لا تطابق الواقع فلبستم فيها وأتيتم بها وَاللَّهُ غَفُورٌ لكم لو تبتم ورجعتم اليه عما صنعتم وكسبتم من الآثام حَلِيمٌ لا يعجل بالانتقام رجاء ان يتوبوا عنها

ثم قال سبحانه لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ اى يحلفون ان يمتنعوا مِنْ وقاع نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اى يلزم عليهم الانتظار الى ان تنقضي مدة اربعة أشهر فَإِنْ فاؤُ ورجعوا في هذه المدة عن الحلف بان جامعوا معهن في أثناء هذه المدة حنثوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ بحنثهم يتجاوز عنهم بالكفارة رَحِيمٌ لهم بابقاء النكاح بينهم

وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ بلا حنث الحلف فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يسمع منهم الطلاق عَلِيمٌ بنفرة قلوبهم منهن

وَالْمُطَلَّقاتُ المدخولات بهن يَتَرَبَّصْنَ وينتظرن بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ اى مضى مدتها والقرء يطلق على الحيض والطهر واصل وضعه لانتقال من الطهر الى الحيض وهو المراد في الآية لأنه لاستبراء الرحم وهو الدال على البراءة وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ اى للمطلقات المعتدات أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ مدة العدة من الحيض والولد لئلا يختلط النسب إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ العالم بالسرائر والخفايا وَالْيَوْمِ الْآخِرِ التي تبلى فيه جميع السرائر والضمائر وَبالجملة بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ أليق واولى بِرَدِّهِنَّ إليهم فِي ذلِكَ اى في زمان التربص إِنْ أَرادُوا اى الأزواج إِصْلاحاً وَاعلموا ايها المؤمنون ان لَهُنَّ عليكم من الرعاية والمحافظة والاستيناس وغير ذلك مِثْلُ الَّذِي لكم عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ من الحقوق والرعاية والمحافظة على آداب الخدمة وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ فضيلة بحسب الخلقة والعقل والتمييز وكمال الايمان والمحافظة على حدود الله وامتثال مأموراته وَاللَّهُ عَزِيزٌ يعز من يشاء ويذل من يشاء منهم حَكِيمٌ في فعله لا يسأل عما يفعل

ثم قال سبحانه الطَّلاقُ الصادر عن اولى العزائم وذوى الألباب مَرَّتانِ مرة عند عروض النفرة المنافية للرغبة السابقة المستلزمة للزواج والازدواج المنبعث عن الطبيعة المقتضية بالطبع للاختلافات والازدواجات الواقعة بين اسبابها الا وهي الأوصاف الذاتية الإلهية ثم إذا رجع العازم عنه لا بد ان يكون رجوعه ايضا عن روية وتدبير بان يلاحظ انه بسبب انبعاث الرغبة السابقة واشتياقها ثانيا فيكذب نفسه ويرجع إليها وان طلقها بعد تلك الرجعة فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ اى فعليه بعد الطلقة الثانية احد الأمرين ولا يتجاوز عنه الى الطلقة الثالثة والا لسقط من زمرة العقلاء العازمين على الأمور الشرعية بالعزيمة الخالصة اما إمساك بالمعروف المستحسن عند الله وعند المؤمنين بل لا بد ان يكون هذا الإمساك احسن من الإمساك السابق على الطلاق حين الوفاق أَوْ تَسْرِيحٌ واطلاق وتبعيد مقارن بِإِحْسانٍ من مال وخلق حسن وكلمة طيبة ليرتفع غبار العداوة والبغضاء الواقعة باغواء الشيطان بينهما وَلا يَحِلُّ لَكُمْ ايها الحكام المقيمون للاحكام الشرعية أصلا أَنْ تَأْخُذُوا من النساء مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ من المهور والصدقات شَيْئاً وتردوه الى أزواجهن إِلَّا أَنْ يَخافا اى الزوجان كل منهما على نفسه أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ الموضوعة من عنده سبحانه لإصلاح حالهما فَإِنْ خِفْتُمْ ايها الحكام ايضا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ بينهما فَلا جُناحَ ولا اثم عَلَيْهِما اى على الرجل في أخذ ما افْتَدَتْ بِهِ المرأة بدل الخلاص والطلاق وعلى المرأة لاعطائه له

<<  <  ج: ص:  >  >>