للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ظهر وبطن ليس الا هو والعلم والإدراكات الصادرة من المظاهر هو علمه الحضوري فلم يبق للعالم الا مناسبة الظلية والانعكاس والمظهرية فقط إذ قد وَسِعَ كُرْسِيُّهُ مجلاه ومظاهره السَّماواتِ المذكورة وَالْأَرْضَ المذكورة وَلا يَؤُدُهُ ولا يثقله حِفْظُهُما وان كانت سماوات الأسماء وارض الطبيعة غير متناهية بل وان فرضت بأضعافها وآلافها أمورا متعددة غير متناهية لا يثقله إذ كل من تحقق بسعة قلب الإنسان المنعكس من الذات الاحدية المائل نحوها بالميل الحبى والشوقى المتلذذ دائما بوجده وحضوره قد تحقق عنده ولاح لديه من الوسعة والسعة ما لا يمكن التعبير عنه مطلقا. كما سمح به سلطان العارفين وبرهان الواصلين اعنى أبا يزيد البسطامي عمت بركات أنفاسه الشريفة على عموم الفقراء المتوجهين نحو فضاء التوحيد حيث قال لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس. وايضا قد جاء بعده رأس الموحدين ورئيس ارباب التحقيق واليقين محى الملة والدين الذي هيج بحر الوحدة تهييجا شديدا الى حيث يترشح من تيار قلبه الزخار رشحات المعارف والحقائق على ذوى العزائم الصحيحة المقتفية اثر طريقه قدس الله روحه العزيز وأرواحهم وشكر الله

سعيه ومساعيهم حيث قال في فصوص الحكم وهذا وسع ابى يزيد في عالم الأجسام بل أقول لو ان ما لا يتناهى وجوده قدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه انتهى وبالجملة الحديث القدسي مغن عن أمثالهما لان قوله سبحانه وسعني قلب عبدى المؤمن وسعة قد عجز عنها التعبير مطلقا هب لنا من لدنك قلبا وسيعا فسيحا انك أنت الوهاب وَبالجملة مالكم وليس في وسعكم وطاقتكم ايها العباد من معرفة الذات الاحدية غير هذا هُوَ الْعَلِيُّ بذاته تعالى عن ان يدركه عقول العقلاء وتنزه عن ان يصفه السنة الفصحاء الْعَظِيمُ بآثار أسمائه وصفاته الممتدة على صفحات الاعدام وهو في ذاته على صرافة وحدته الذاتية وبعد ما ثبت كمال عظمة الله وجلاله

لا إِكْراهَ اى لا جبر ولا تهديد ولا اضطرار ولا إلجاء فِي الدِّينِ والانقياد بدين الإسلام والإطاعة له بعد ما ظهر الحق إذ قَدْ تَبَيَّنَ وتميز الرُّشْدُ والهداية مِنَ الْغَيِّ والضلالة فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ التي هي عبارة عن النفس الامارة المضلة عن طريق الحق وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ الهادي الى سواء السبيل فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بل تمسك وتشبث بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى التي هي حبل الله الممدود من أزل الذات الى ابد الأسماء والصفات بحيث لَا انْفِصامَ ولا انقطاع لَها أصلا وَاللَّهُ الهادي للكل نحو جنابه سَمِيعٌ بذاته لأقواله عَلِيمٌ بحكمه ومصالحه المودعة فيها فانظروا ما أنتم ايها الهلكى

وبالجملة اللَّهُ اى الذات المستجمع لجميع الأسماء والصفات وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله يولى أمورهم حسب شموله واحاطته إياهم بحيث يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ المتراكمة المزدحمة ظلمة الطبيعة وظلمة الإمكان وظلمة التعينات والإضافات الواقعة فيها إِلَى النُّورِ صفاء الوحدة الخالصة الخالية عن رين الإضافات وشين الكثرات مطلقا وَالَّذِينَ كَفَرُوا بالله وأنكروا ذاته وأوصافه الذاتية أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ التي هي علم الجنس للنفوس البهيمية التي هي الطواغيت المضلة عن الهدى الحقيقي لذلك يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ اى المرآة الصقيلة المجلوة القابلة لان يتراءى فيها جميع ما في العالم الا وهي قلب الإنسان المنعكس من اسم الرّحمن إِلَى الظُّلُماتِ ظلمة الغفلة وظلمة الكثرة وظلمة الاضافة وبالجملة أُولئِكَ الأشقياء المردودون المطرودون عن ساحة عز الوحدة أَصْحابُ النَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>