للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من آيات الكتاب المنزل على رسوله المبين لسلوك طريق التوحيد واليقين وكذا من أحاديث النبي الموضحة لمغلقات الكتاب المشيرة الى رموزه وإشاراته فلك في كل الأحوال التبتل الى الله والتوكل نحوه والتفويض اليه فاتخذه سبحانه وكيلك في جميع حوائجك وحسيبك في عموم مهامك يكفيك كافيا ومعينا ويكف عنك شرور عموم اعاديك مطلقا وإياك إياك ان تخلط مع اصحاب الغفلة وارباب الثروة والسيادة المفتخرين بما عندهم من المال والجاه والنسب العلى والحسب السنى على زعمهم الذي يباهي به صاحبه ويتفوق على اقرانه ويطلب الرياسة والسيادة بسببه وان أردت ان تجلس مع بنى نوعك وتصاحب معهم فاختر منهم من قطع علاقة الالفة عن الدنيا وأمانيها وتزهد عنها وعن عموم ما فيها سوى سد جوعة وستر عورة وكن يحفظه عن الحر والبرد وصاحب معه مصاحبة الحائر التائه في بيداء لا يدرى اين أطرافها وارجاءها متفكرين متدبرين للخروج منها والخلاص عن أهوالها واغوالها وبالجملة لك ان تتذكر في عموم أوقاتك وحالاتك قول نبيك المختار سيد الأبرار وسند الأحرار والأخيار الناجين المخلصين عن غوائل الدنيا الغرار الغدار وعن سرابها اللماع الخداع المكار وتجعله نصب عينيك في جميع احوالك ألا وهو هذا «كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل وعد نفسك من اصحاب القبور» جعلنا الله ممن امتثل به واتعظ بفحواه وعمل بمقتضاه ووجد في نفسه حلاوة معناه بفضله ولطفه

[سورة فاطر]

[فاتحة سورة الفاطر]

لا يخفى على من تحقق بسعة قدرة الله واحاطة حضرة علمه وارادته وشمول عموم أوصافه وأسمائه الذاتية والفعلية ان مظاهر الحق ومجاليه حسب شئونه وتطوراته لا تكاد تنحصر وتحصى إذ لا يكتنه ذاته ووصفه واسمه فكيف تجلياته وتطوراته إذ لا يشغله شأن عن شأن بل كل آن في شأن لا كشأن وبعد ما كان شأنه سبحانه كذلك كيف يعد ويحصى مظاهره المترتبة على شئونه وتجلياته الغير المحصورة الا انه سبحانه قد حمد لنفسه باعتبار معظم مظاهره ومصنوعاته بالنسبة الى هؤلاء الارضيين تعليما لهم وإرشادا ليواظبوا على أداء حقوق كرمه بقدر وسعهم وطاقتهم فقال سبحانه حامدا لنفسه بعد ما تيمن باسمه العلى الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الذي قد تجلى حسب أوصافه الكاملة وأسمائه العامة الشاملة الرَّحْمنِ لعموم مظاهره ومصنوعاته بافاضة رشحات نور الوجود عليهم بمقتضى الفضل والجود الرَّحِيمِ لخواص عباده باطلاعهم على منشأ الوجود ومنبع خزائن الفيض والجود

[الآيات]

الْحَمْدُ المحيط المشتمل على جميع الاثنية والمحامد الصادرة عن ألسنة عموم المظاهر والمجالى حالا ومقالا ثابت لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ اى الذي قد فطر وأبدع واظهر الاجرام العلوية من كتم العدم بعد ما شق وفلق ظلمته باشعة نور الوجود المنعكسة من الصفات السنى والأسماء الحسنى الإلهية وَالْأَرْضِ اى الأجسام السفلية ايضا كذلك ليتحقق مرتبتا الفاعل والقابل ويتكون منهما من الكوائن والفواسد ما شاء الله بحوله وقوته لا حول ولا قوة الا بالله جاعِلِ الْمَلائِكَةِ اى الذي قد جعل وصير الملائكة الذين هم سدنة سدته العلية وخدمة عتبته السنية رُسُلًا وسائل ووسائط بينه سبحانه وبين خواص عباده من الأنبياء والرسل والأولياء المؤيدين من عند الله سبحانه بالرتب العلية والدرجات الرفيعة يبلغون إليهم من قبل الحق جميع ما تفضل بهم سبحانه من الوحى المتعلق بخير الدارين ونفع

<<  <  ج: ص:  >  >>