للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصور عِنْدَهُمْ من أعمالهم المقبولة وأحوالهم المرضية ومقاماتهم العلية في سلوك طريق التوحيد ازواج أبكار قاصِراتُ الطَّرْفِ عليهم بحيث لا ينظرن الى غيرهم أَتْرابٌ احداث كلهن مستويات في السن ليس فيهن تفاوت لصغر ولا كبر بل كلهن على كمال اللطافة والعدالة إذ كل ما فيها انما هو على كمال الاعتدال وبعد ما تمكنوا فيها وترفهوا بنعمها قيل لهم من قبل الحق امتنانا عليهم وتشويقا

هذا الذي بين أيديكم من النعم المقيمة واللذة الدائمة ما تُوعَدُونَ بألسنة الكتب والرسل لِيَوْمِ الْحِسابِ اى لأجله او فيه إذ لا وصول إليها الا بعد الحساب. ثم قال سبحانه إظهارا لكمال قدرته على عموم الانعام والانتقام

إِنَّ هذا المذكور لَرِزْقُنا المعد لخواص عبادنا المنجذبين إلينا بانخلاعهم عن لوازم هوياتهم الباطلة وعن مقتضيات تعيناتهم العاطلة من المآكل والمشارب والمناكح الفانية فنستبدل لهم بدلها رزقا معنويا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ اى لا انقطاع له أصلا خذ

هذا ايها المتشمر نحو الحق والراغب الى ما عنده من موائد الانعام والإفضال وكما تفضلنا على المطيعين بأنواع التعظيم والتنعيم وكرمناهم بأصناف الكرامة والتكريم قد انتقمنا ايضا عن العاصين الجاحدين وَبالجملة إِنَّ لِلطَّاغِينَ الذين طغوا علينا بالخروج عن مقتضيات حدودنا الموضوعة فيهم المنبهة الى مبدأهم ومعادهم لَشَرَّ مَآبٍ وأسوأ منقلب ومتاب على عكس المطيعين المتقين يعنى

جَهَنَّمَ البعد والخذلان وجحيم الطرد والحرمان يَصْلَوْنَها ويدخلون فيها بأنواع الحسرات والزفرات بين اصناف العقارب والحيات وانواع الهوام والحشرات المصورة لهم من سيئات أعمالهم التي قد أتوا بها في دار الاختبار ونشأة الاعتبار وبالجملة فَبِئْسَ الْمِهادُ والفراش مهد اصحاب الجحيم وفراشهم

هذا منقلبهم ومآبهم ثم لما دخلوا في النار قيل في حقهم من قبل الحق مخاطبا لخزنة جهنم فَلْيَذُوقُوهُ اى كل واحد واحد منهم نزلا لهم شرابا وهو حَمِيمٌ اى الماء الحار الذي يشوى وجوههم ويحرق أمعاءهم قد سخنه نيران شهواتهم التي أتوا بها على خلاف ما امر الله وحكم عليه وَغَسَّاقٌ اى الماء البارد الزمهريرى الذي ينجمد في فيهم بل في أجوافهم قد برده واجمده كمال بلادتهم وجهلهم بالله الحكيم العليم وغفلتهم عما وضع سبحانه من بينهم الحدود والاحكام الصادرة عن محض الحكمة المتقنة المتعلقة لإصلاح احوال عباده

وَآخَرُ مفردا ايضا مِنْ شَكْلِهِ اى من جنس الشراب المذوق ومثله او أخر جمعا من أنواعه واصنافه على القرائتين أَزْواجٌ اصناف وانواع بعضها أسوأ من بعض ليكون عذابا فوق عذاب ثم لما اقتحم القادة من اصحاب النار وادخلوا أنفسهم عليها خوفا من الموكلين الذين يسوقونهم نحوها بمقامع من حديد وازدحم عقيبهم اتباعهم على الفور فضيقوا على القادة مكانهم فصرخوا على الخزنة من تضييقهم قال الخزنة لهم بعد ما سمعوا صراخهم وصيحتهم

هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ معقبين مضيقين عليكم فالتفتوا أثرهم فقالوا هؤلاء اتباعنا لا مَرْحَباً بِهِمْ ولا يوسع عليهم إِنَّهُمْ ايضا صالُوا النَّارِ اى داخلوها أمثالنا ثم لما سمع الاتباع قول القادة والرؤساء هذا

قالُوا على سبيل المعارضة والمخاصمة بَلْ أَنْتُمْ ايها الضالون المضلون أحقاء ان يقال لكم لا مَرْحَباً بِكُمْ إذ أَنْتُمْ بشؤم اضلالكم واغرائكم قد قَدَّمْتُمُوهُ لَنا اى الكفر الذي هو سبب دخول النار وابدعتموه أنتم أولا بيننا ثم اغويتمونا أنتم بتغريركم وتضليلكم حتى كفرنا نحن مثلكم بسعيكم وابتلينا بها أمثالكم فَبِئْسَ الْقَرارُ اى بئس مقرنا ومقركم اليوم جهنم الطرد وسعير الحرمان وبعد ما بالغ الاتباع في تعيير القادة وتشنيعهم تضرعوا نحونا داعين على

<<  <  ج: ص:  >  >>