للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصمد المتصف بجميع أوصاف الكمال المستجمع لعموم الأسماء الحسنى التي لا تعد ولا تحصى ذِكْراً كَثِيراً مستوعبا بجميع أوقاتكم وحالاتكم وازمانكم وآناتكم وبالغوا في ذكره كي تصلوا من اليقين العلمي الى العيني

وَسَبِّحُوهُ ونزهوه عن جميع ما لا يليق بشأنه من لوازم الحدوث وأوصاف الإمكان بُكْرَةً وَأَصِيلًا اى في جميع آنات أيامكم ولياليكم طالبين الترقي من اليقين العيني الى الحقي وكيف لا تذكرون الله ولا تسبحون له ايها المؤمنون مع ان شكر المنعم المفضل واجب عقلا وشرعا

هُوَ الَّذِي سبحانه يُصَلِّي ويرحم عَلَيْكُمْ ايها المؤمنون بذاته وبمقتضيات أسمائه وصفاته وَمَلائِكَتُهُ يستغفرون لكم باذنه وانما يفعل بكم سبحانه هذه الكرامة العظيمة لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ ظلمة العدم الأصلي وظلمة الطبيعة والهيولى وظلمة الحجب التعينية إِلَى النُّورِ اى نور الوجود البحت الخالص عن ظلمات التعينات والكثرات مطلقا وَكانَ سبحانه بِالْمُؤْمِنِينَ الموفقين على التوحيد الذاتي رَحِيماً يوفقهم على الايمان حسب رحمته الواسعة ثم يوصلهم الى رتبة التوحيد والعرفان مرقيا من مضيق الإمكان الى سعة فضاء الوجوب عناية لهم وتفضلا عليهم ثم يشرفهم بشرف لقائه بلا كيف ولا اين ولا وضع ولا اضافة محاذات ومقابلة بعد ما انخلعوا عن جلباب الناسوت وتشرفوا بخلعة اللاهوت

تَحِيَّتُهُمْ وترحيبهم من قبل الحق يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سبحانه سَلامٌ تسليم وتطهير عن رذائل التعينات ونقائص الأنانيات والهويات المستتبعة لانواع الضلالات والجهالات وَأَعَدَّ لَهُمْ سبحانه نزلا عليهم أَجْراً كَرِيماً وجزاء عظيما مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ثم قال سبحانه

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ المؤيد المختص بأنواع الفضائل والكمالات واصناف الكرامات والمعجزات إِنَّا من مقام عظيم جودنا قد أَرْسَلْناكَ الى كافة البرايا وعامة العباد شاهِداً تشهد لهم الحقائق وتحضرهم المعارف وتوصلهم بالتنبيهات الواضحة الى مرتبة الكشف والشهود لكون اصل جبلتهم وفطرتهم مجبولا من لدنا عليها وَمُبَشِّراً تبشرهم بالتوحيد المسقط لعموم الإضافات المستتبعة لانواع الكثرات المشوشة لنفوسهم وقلوبهم وَنَذِيراً تنذرهم عن مقتضيات القوى البهيمية من الشهوية والغضبية الموروثة لهم من عالم الناسوت الجالبة لانواع الخذلان والحرمان

وَداعِياً تدعوهم إِلَى توحيد اللَّهِ المنزه عن مطلق التحديد والتعديد دعوة مسبوقة بِإِذْنِهِ سبحانه وبمقتضى توفيقه ووحيه والهامه وَبالجملة قد أرسلناك يا أكمل الرسل الى عموم العباد سِراجاً مُنِيراً تضيء لهم أنت بدعوتك وارشادك وهم يستضيئون منك بتوفيقنا إياهم في ظلمات الضلالات ومهاوي الجهالات المتراكمة من الحجب الظلمانية والكثافات الهيولانية المتولدة من ظلمات الأوهام والخيالات الباطلة الطبيعية الباقية فيهم من ظلمة العدم

وَبعد ما سمعت يا أكمل الرسل سبب بعثتك وسره بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ الموقنين بتوحيد الله المترقين من اليقين العلمي الى العيني الطالبين الوصول الى اليقين الحقي بِأَنَّ لَهُمْ اى قد حق وثبت لهم مِنَ عناية اللَّهِ إياهم فَضْلًا كَبِيراً لا فضل اكبر منه واشرف ألا وهو الفوز بشرف اللقاء والرضاء بعموم ما جرى عليهم من القضاء

وَبعد ما سمعت وظيفتك مع المؤمنين المسترشدين منك يا أكمل الرسل الطالبين هدايتك وارشادك إياهم وشرف صحبتك معهم لا تُطِعِ الْكافِرِينَ المصرين على الكفر والعناد المجاهرين به وَالْمُنافِقِينَ الذين يخفون كفرهم وضلالهم عنك لمصلحة دنيوية ويظهرون عندك خلاف ما في نفوسهم ولا تجلس معهم ولا تصاحبهم أصلا وَان آذوك في مرورك عنهم وملاقاتك معهم بغتة دَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>