للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخلافة والنيابة عن الله المتحملون لا عباء النبوة والرسالة يعنى وبحق هؤلاء الملائكة الذين هم من سدنة باب اللاهوت وخدمة عتبة حضرة الرحموت المنتظرون لما صدر عنه سبحانه من الأمور المتعلقة بالملك والملكوت

إِنَّ إِلهَكُمْ الذي أظهركم وأبدعكم من كتم العدم ولم تكونوا ايها العكوس المستهلكة في شمس الذات شيأ مذكورا لا حسا ولا عقلا ولا خيالا ولا وهما لَواحِدٌ احد صمد فرد وتر ليس له شريك في الوجود ولا نظير في الظهور والشهود فهو بوحدة ذاته وكمالات أسمائه وصفاته

رَبُّ السَّماواتِ العلى وَالْأَرْضِ السفلى وَما بَيْنَهُما من الكوائن والفواسد الممتزجة الى ما لا يتناهى لا مربى للمذكورات سواه ولا مظهر للكائنات الا هو وَكيف لا وهو سبحانه رَبُّ الْمَشارِقِ اى الاستعدادات القائلة لشروق شمس ذاته المتأثرة من اشعة أسمائه وصفاته وبعد ما ثبت وحدة ذاتنا واستقلالنا في تصرفات ملكنا وملكوتنا ولاهوتنا وجبروتنا

إِنَّا من مقام عظيم جودنا وكمال قدرتنا قد زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا اى القربى لكم ايها المكلفون حيث ترون ما فيها بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ اى برينة هي الكواكب او بدل على كلتا القراءتين بتنوين وبلا تنوين تحلية وتزيينا تبتهجون بها حين تنظرون إليها وتتأثرون منها سعدا ونحسا إقبالا وإدبارا

وَجعلناها حِفْظاً اى بعد ما قد زينا السماء بها صيرناها صائنة حفظا لها مِنْ وصول كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ خارج عن اطاعة الله مائل عن توحيده كي

لا يَسَّمَّعُونَ اى مردة الشياطين ولا يصغون إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى اى الى الاذكار والاستغفار وسائر السرائر والأسرار الجارية على ألسنة الملائكة إذ هم اى الشياطين والجن أشبه المخلوقات الى الملائكة وانما منعهم سبحانه عن الإصغاء إليهم لأنهم من غاية عداوتهم مع بنى آدم يعكسون عليهم ما يسمعون فيضلوهم عن الصراط المستقيم إذ يدعون الألوهية والربوبية لأنفسهم ويحتجون بما يستمعون من الملائكة ترويجا وتغريرا ويلبسون الأمر على ضعفة الأنام فيحرفونهم عن جادة التوحيد والإسلام وَلذلك يُقْذَفُونَ ويطرحون أولئك الماردون مِنْ كُلِّ جانِبٍ من جوانب السموات وآفاقها

دُحُوراً طردا بليغا وزجرا شديدا وَمع ذلك الطرد والزجر لَهُمْ اى الشياطين عَذابٌ نازل مستمر في النشأة الاخرى واصِبٌ مؤبد دائم لا ينفك عنهم في حين من الأحيان

إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ اى يطردون الماردون حتى لا يستمعوا الا من اختطف منهم فاختلس من الملائكة الخطفة على سبيل الاستراق فَأَتْبَعَهُ اى تبعه ولحقه على الفور حين اختطافه واختلاسه شِهابٌ ثاقِبٌ اى كوكب مضيء كجذوة النار يثقب الجنى فيقتله او يحرقه او يخبله. والقول بان الشهاب من الأشياء الكائنة في الجوّ لا من الكواكب قول تخمينى ابتدعها الفلاسفة من تلقاء نفوسهم لا يعضده عقل ولا يوافقه نقل فاما قولهم في خبط الحركات الفلكية والاجرام العلوية وتقويم الكواكب والبروج وتقدير الأشكال والصور الى غير ذلك من الأمور المنتهية الى الحس ربما يؤدى الى اليقين واما في طبائع المكونات وحقائق الموجودات وكيفية تراكيب الماهيات وغير ذلك من الأمور الحقيقية التي لا مجال للحس فيها ولا للعقل ما هو الا تخمين زائل وزور باطل إذ لا يعرف كنه الأشياء الا خالقها ومظهرها لا يسع لاحد ان يتفوه عنها وعن كيفيتها وكميتها وكيفية التيامها على ما هي عليه وتركيباتها الحقيقية وهم اى مردة الشياطين بمجرد تلك الخطفة المختلسة يضلون كثيرا من الناس الى حيث يستعبدونهم ويأمرونهم بالاطاعة والانقياد الى أنفسهم والعبادة إياهم باتخاذهم اولياء وآلهة من دوننا جهلا

فَاسْتَفْتِهِمْ اى

<<  <  ج: ص:  >  >>