للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرارا ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وما هي الا من شرارتهم وخباثة طينتهم وعدم فطنتهم لحكمة المعاهدة والمواثيق وَبالجملة هُمْ من تركب جهلهم لا يَتَّقُونَ ولا يحذرون من بطش الله تعالى ولا يتركون الغدر والنفاق مع اولياء الله ولا يوفون بالعهد والميثاق المؤكد

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ وتظفرن عليهم فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ ومزق جمعهم وشتت شملهم على الفور بحيث ينقطع عنهم مَنْ يأتى خَلْفَهُمْ من مظاهريهم ومعاونيهم لَعَلَّهُمْ بتشريدك وتفريقك إياهم عنوة وقهرا يَذَّكَّرُونَ يتعظون ويتنبهون من أمرك وشأنك وتأييدك فيؤمنون بك وبما جئت به

وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ قد عاهدت معهم وأخذت الميثاق عنهم خِيانَةً ونقضا من امارات ظهرت منهم ولاحت عليهم فَانْبِذْ واطرح إِلَيْهِمْ أولا عهدهم عَلى سَواءٍ بلا غدر وخداع واظهر العداوة وارفع المعاهدة والهدنة على رؤس الملأ ثم اخرج عليهم بالقتال لئلا يؤدى الى الغدر والخيانة إِنَّ اللَّهَ المتصف بالعدل القويم لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ المخادعين الغادرين سيما من المؤمنين الموحدين

وَلا يَحْسَبَنَّ يا أكمل الرسل الكفرة الَّذِينَ كَفَرُوا بالله وبك هم قد سَبَقُوا وانقرضوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ المؤمنين ولا يضطرونهم الى القتال بل يلزمكم جمع العدة والتهيئة

وَأَعِدُّوا ايها المؤمنون لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ اى هيئوا لقتالهم من الآلات والأسباب ما تحتاجون إليها في حربهم سيما آلات الرمي وَمِنْ جملة العدة رِباطِ الْخَيْلِ اى شد الفرس وارتياضه ليوم الحرب كما يشده الرجال الابطال المتشوقون للقتال تُرْهِبُونَ بِهِ اى بالاعداد والشد عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وهم الذين في حواليكم يقاتلونكم ويخاصمون معكم جهرا وعلانية يعنى كفار مكة وَترهبون به ايضا آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ يعنى الذين ينافقون معكم ويظهرون إطاعتكم واخاءكم ظاهرا ويريدون مقتكم وهلاككم في بواطنهم وأنتم لا تَعْلَمُونَهُمُ اى عداوتهم لإخفائهم واظهارهم صداقتهم بل اللَّهِ المطلع لضمائرهم يَعْلَمُهُمْ ويعلم عداوتهم ونفاقهم ويجازيهم عليها وَبالجملة ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ للاعداد والتجهيز فِي سَبِيلِ اللَّهِ ونصر دينه وإعلاء كلمة توحيده يُوَفَّ إِلَيْكُمْ جزاؤه بأضعاف ما تصرفون له وآلافه وَبالجملة أَنْتُمْ في انفاقكم واعدادكم لا تُظْلَمُونَ ولا تنقصون من عوضه وجزائه ولا تخسرون بل تربحون وتفوزون بما ترضى به نفوسكم وبما لا تدرك عقولكم من الكرامة تفضلا وامتنانا

وَبعد ما اعددتم عددكم وهيأتم اسباب الحرب إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ اى مال الأعداء للمصالحة والمعاهدة فَاجْنَحْ لَها أنت يا أكمل الرسل ومل إليها وارض بها ايها الداعي للخلق الى الخلق تليينا لهم وتلطيفا معهم بمقتضى مرتبة النبوة والتكميل وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ في عموم أمورك وثق عليه سبحانه ولا تخف من مكرهم وخداعهم فان الله حسبك وظهيرك يحفظك من مكرهم وغدرهم إِنَّهُ سبحانه بذاته هُوَ السَّمِيعُ لأقوالهم الْعَلِيمُ بأعمالهم ونياتهم فيها

وَإِنْ يُرِيدُوا بعد ما صالحوا وعاهدوا أَنْ يَخْدَعُوكَ ويمكروا بك وباصحابك فلا تبالوا أنتم بهم وبغدرهم وخداعهم فَإِنَّ حَسْبَكَ اى كافيك وظهيرك ومتولى جميع أمورك اللَّهُ المراقب عليك في عموم حالاتك كيف لا يرقبك من مكرهم مع انه هُوَ الَّذِي قد أَيَّدَكَ وقواك وأظفرك على عموم من عاداك بِنَصْرِهِ بلا اعداد منك ورباط وَبعد تأييدك قد عززك ايضا بِالْمُؤْمِنِينَ بك بايمانهم واطاعتهم لك وبذل مالهم ومهجهم لتقويتك وإعلاء دينك

<<  <  ج: ص:  >  >>