للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمَغْفِرَةِ الملذة المستمرة في النشأة الأخرى فَما اعجب حالهم ما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ بارتكاب تلك الموجبات المؤدية إليها

ذلِكَ النكال والعذاب بِأَنَّ اللَّهَ المرشد لهم الى التوحيد الذاتي قد نَزَّلَ الْكِتابَ اى القرآن المبين لهم طريقة التوحيد والعرفان ملتبسا بِالْحَقِّ الصريح الثابت في الواقع وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي حقية الْكِتابَ وتبيينه لَفِي شِقاقٍ خلاف ونفاق بَعِيدٍ بمراحل عن الحق والوفاق حققنا بفضلك حقية ما أنزلت علينا بمقتضى جودك

ثم لما اختلف الناس في امر القبلة واهتموا بشأنها بان حصروا البر والخير كله فيها أشار سبحانه الى تخطئتهم ونبه على البر الحقيقي والخير الذاتي بقوله لَيْسَ الْبِرَّ اى ليس الخصال السنية والأخلاق المرضية مجرد أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مثلا بلا اتصاف بالعزائم والحكم المترتبة على تشريع القبلة وَلكِنَّ الْبِرَّ الحقيقي مَنْ آمَنَ وصدق منكم بِاللَّهِ المنشئ المظهر لكم من كتم العدم بعد ان لم تكونوا شيأ مذكورا وَالْيَوْمِ الْآخِرِ المعد لجزاء الأعمال وَالْمَلائِكَةِ المهيمين الوالهين في مطالعة جمال الله المستغفرين لمن آمن وعمل صالحا من خلص عباده وَالْكِتابِ يعنى صدق ايضا بالكتاب المبين لكم طريق الهداية وَالنَّبِيِّينَ المبعوثين إليكم به ليرشدوكم الى مقاصده ويبينوا لكم ما فيه من المعارف والحقائق وَبعد الايمان بالمذكورات آتَى الْمالَ المانع من التوجه الحقيقي وأنفقه عَلى حُبِّهِ سبحانه طالبا لرضاه على المحتاجين أولاهم إعطاء ذَوِي الْقُرْبى المنتمين اليه من قبل أبويه وَالْيَتامى الذين لا متعهد لهم من الوالدين وذوى القربى وَالْمَساكِينَ الذين أسكنهم الفقر العارض من عدم مساعدة آلات الكسب والحوادث الاخر وَابْنَ السَّبِيلِ القرباء الذين لا يمكنهم التصرف في أموالهم لوقوع البون بينهم وبين أوطانهم وأموالهم وَالسَّائِلِينَ الذين قد الجأهم الاحتياج مطلقا الى السؤال من اى وجه كان وَفِي الرِّقابِ من الإسراء الموثقين في يد العدو والمكاتبين الذين لا يقدرون على تفكيك رقابهم من مواليهم وغير ذلك من المضطرين وَأَقامَ الصَّلاةَ بان ادام الميل والتوجه بجميع الأعضاء والجوارح نحوه سبحانه في جميع الأوقات خصوصا في الأوقات المخصوصة التي فرض فيها الصلاة وَآتَى الزَّكاةَ المفروضة المقدرة في كتاب الله وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا كلهم من خيار الأبرار وَبشر من بينهم يا أكمل الرسل الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ اى الفقر المكسر للظهر وَالضَّرَّاءِ المرض المسقم للجسم وَخصوصا الغزاة الذين صبروا حِينَ الْبَأْسِ من اقتحام العدو بالانعامات العلية والكرامات السنية أُولئِكَ الأبرار والأحرار الصابرون في البلوى المرجحون لرضاء المولى على أنفسهم هم الَّذِينَ صَدَقُوا في أقوالهم وأصلحوا أفعالهم وأعمالهم وأخلصوا في نياتهم وَبالجملة أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ المحفوظون عن عموم ما خيف عليهم من الأمور المنافية للأمور الدينية الواصلون الى مرتبة التحقيق واليقين ربنا اجعلنا منهم بلطفك وكرمك يا ارحم الراحمين ثم ناداهم سبحانه إصلاحا لهم فيما يقع بينهم من الوقائع الهائلة والفتن العظيمة الحادثة من ثوران القوة الغضبية وطغيان الحمية الجاهلية المؤدية الى قتل البعض بعضا ظلما وعدوانا

فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم وتوحيدكم المحافظة عليه بزجر النفس الامارة بالسوء من مقتضياتها المنشعبة من القوى البشرية وان وقع فيكم أحيانا فاعلموا انه قد كُتِبَ وفرض عَلَيْكُمُ في دينكم الْقِصاصُ بالمثل فِي الْقَتْلى المقتولين عمدا فيقتل الْحُرُّ القاتل بِالْحُرِّ المقتول عمدا وَكذا الْعَبْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>