للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيدفعون العذاب عن أنفسهم وبعد ما قد جرى عليهم ما جرى من التقريع والتوبيخ

فَكُبْكِبُوا فِيها اى ادخلوا في النار قسرا وقهرا هُمْ اى آلهتهم المضلة المغوية وَالْغاوُونَ اى العبدة الضالون

وَجُنُودُ إِبْلِيسَ مصاحبون معهم ملازمون إياهم من القوى البهيمية الشهوية والغضبية التي هي من اعونة النفوس الامارة أَجْمَعُونَ إذ كل منهم سبب تام لإضلالهم وبعد ما دخلوا في النار بأجمعهم صاغرين مهانين

قالُوا اى الداخلون في النار تابعا ومتبوعا وَالحال انه هُمْ فِيها اى في النار يَخْتَصِمُونَ اى يتخاصم بعضهم بعضا حيث قال العابدون لمعبوداتهم مقسمين مغلظين تحسرا وتحزنا

تَاللَّهِ إِنْ اى انه قد كُنَّا باتخاذكم ايها المضلون المبطلون آلهة من دون الله وعبدناكم كعبادته سبحانه لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ظاهر لا يشتبه على ذي مسكة ضلالنا وكيف لا يكون ضلالا ظاهرا

إِذْ نُسَوِّيكُمْ مع كونكم من ادنى الأشياء وارذلها نرجحكم ونفضلكم بِرَبِّ الْعالَمِينَ الذي هو احد صمد فرد وتر ليس كمثله شيء وليس له كفو لإضلال أبين من هذا وأعظم

وَبالجملة ما أَضَلَّنا واوقعنا في هذا الضلال المبين إِلَّا الْمُجْرِمُونَ الذين قد اقتدينا بهم من رؤسائنا وكذا من تقليدات آبائنا الذين مضوا قبلنا على هذا

فَما لَنا بعد ما قد وقعنا في النار صاغرين مِنْ شافِعِينَ يشفعون لنا ينقذون منها

وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ اى ذي قرابة وصداقة تكفى صداقته وحمايته لإنقاذنا ونجاتنا وانما قالوه تحسرا وتحزنا وبعد ما قد قنطوا عن الشفاعة والحماية تمنوا الرجعة والإعادة المستحيلة وقالوا

فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً رجعة وعودة الى الدنيا مرة بعد اخرى وكرة بعد الاولى فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بالله الموحدين له لا نشرك به شيأ من مظاهره ومصنوعاته

إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من نبأ ابراهيم عليه السلام مع أبيه وقومه لَآيَةً عظيمة دالة على توحيد الحق وعلو شأنه وسمو برهانه وعظة وتذكيرا للمتذكرين المعتبرين من أخلاقه وأطواره صلوات الرحمن عليه وكمال علمه ودعوته وانصافه في محاورته وارخائه العنان الى من قصد مجادلته ومعارضته وإظهاره الحق على ابلغ وجه وآكده عاريا عن جميع الرعونات والخرافات الواقعة بين اصحاب المناظرات والمجادلات وَلكن ما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر الناس مُؤْمِنِينَ بتوحيد الله وخلة خليله وصفوة أخلاقه وحسن خصاله

وَإِنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على انتقام من خرج عن رق عبوديته الرَّحِيمُ لمن وفق عليها وجبل لأجلها ثم قال سبحانه مخبرا عن المكذبين

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ لان تكذيب نوح والإنكار على إرساله يستلزم تكذيب مطلق الإرسال فيستلزم تكذيبه تكذيب جميع الرسل الذين مضوا قبله بل من سيأتى بعده من الرسل ايضا لاتحاد المرسل والمرسل به وذلك وقت

إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ حين لاح عليهم امارات الكفر والفسوق والخروج عن مقتضى الحدود الإلهية الموضوعة على العدالة المعنوية والقسط الحقيقي أَلا تَتَّقُونَ وتحذرون عن محارم الله ايها المكلفون المسرفون

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من قبل الحق أَمِينٌ بينكم أرشدكم الى ما يعنيكم وينفعكم واجنبكم عما يضركم وما لا يعنيكم بل يؤذيكم ويغويكم

فَاتَّقُوا اللَّهَ القادر المقتدر على انواع الانتقام وَأَطِيعُونِ في عموم ما جئت به من قبل ربي

وَاعلموا انى ما أَسْئَلُكُمْ ولا اطلب منكم عَلَيْهِ اى على إرشادي وتكميلى واصلاحى لكم ما أفسدتم على انفسكم من الأخلاق والأعمال مِنْ أَجْرٍ جعل ومال كما يسأل المتشيخة خذلهم الله عن مريديهم ومحبيهم إِنْ أَجْرِيَ وما جعلى إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ فانه سبحانه قد أرسلني إليكم وأمرني بتبليغ ما اوحى الىّ إليكم

<<  <  ج: ص:  >  >>