للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموجودات حسب التجليات الإلهية تَجْرِي وتسرى بلا قرار وثبات بمقتضى أمرنا المحكم وحكمنا المبرم لِمُسْتَقَرٍّ لَها قد قدرناه إياها منتهى ومنزلا حسب حكمتنا المتقنة المترتبة على تجلياتنا الحبية المنتشئة من ذاتنا المتصفة بالأوصاف اللطفية الجمالية ذلِكَ الجري والسراية على هذا النظام الأبلغ الابدع تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ القادر الغالب المقتدر على عموم المقادير الْعَلِيمِ بمطلق الاستعدادات والقابليات

وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ وقد عينا ايضا لأجله حسب قدرتنا الغالبة وحكمتنا البالغة مع انه مرآة خالية عن النور الذاتي قابلة لان يكسبه من قرص الشمس حسب المقابلة والمحاذاة بينهما لذلك جعلنا له مَنازِلَ متفاوتة في الوضع مع الشمس فعند تمام المقابلة والمحاذاة يبدو بدرا كاملا بلا نقصان في قرصه أصلا ثم ينقص شيئا فشيئا يوما فيوما حَتَّى عادَ القمر في آخر المنازل الثمانية والعشرين التي وضعت له كما في علم التنجيم والتقويم لاستفادته النور من الشمس كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ اى كعذق النخلة العتيقة التي عليها الشماريخ المعوجة المصغرة من طول المدى وكذا عينا بمقتضى قدرتنا وحكمتنا لسير كل واحد منهما حسب الفصول الاربعة مقدارا من الزمان بحيث لا يتخلف سيرهما عنه لينتظم امر المعاش لذلك

لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها اى لا يتيسر ولا يصح لها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ اى تسرع في سيرها الى ان تدرك القمر بل هي بطيئة السير بحيث تقطع البروج الاثنى عشر في سنة والقمر سريع السير يقطعها في شهر وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ اى لا يسع ولا يتيسر له ان يسبق ويدخل في النهار بل لكل منهما مدة مخصوصة مقدرة من عند العليم الحكيم لا يسع له التجاوز عنها وَكذلك كُلٌّ اى كل واحد من الشمس والقمر وسائر السيارات فِي فَلَكٍ مخصوص معين من الأفلاك السبعة يَسْبَحُونَ يسيرون فيه ويدورون على الانبساط والاستقلال بلا توهم السبق والإدراك

وَايضا آيَةٌ عظيمة منا إياهم لَهُمْ ان يستدلوا بها على كمال قدرتنا ووفور حكمتنا وحولنا وقوتنا ويواظبوا على شكر نعمتنا وتلك الآية أَنَّا من كمال تربيتنا وتدبيرنا إياهم قد حَمَلْنا أولا عند طوفان نوح عليه السلام ذُرِّيَّتَهُمْ اى آباءهم وأسلافهم فان اسم الذرية كما يطلق على الأبناء كذلك يطلق على الآباء ايضا باعتبار انهم كانوا أبناء لآباء أخر فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ المملو منهم ومن سائر الحيوانات التي لا تعيش في الماء عناية منا إياهم وإبقاء لنسلهم

وَخَلَقْنا لَهُمْ اى قدرنا وجعلنا لهم اليوم بتعليم منا إياهم سفنا مِنْ مِثْلِهِ اى من جنسه وهي ما يَرْكَبُونَ عليها في متاجرهم وأسفارهم في البحار

وَإِنْ نَشَأْ افناءهم واستئصالهم بالمرة نُغْرِقْهُمْ بالطوفان فَلا صَرِيخَ لا معين ولا مغيث لَهُمْ حينئذ ينصرهم وينجيهم من الغرق وَلا هُمْ ايضا يُنْقَذُونَ لا بناصرهم ولا بأنفسهم من تلك المهلكة

إِلَّا رَحْمَةً ناشئة مِنَّا قد أدركتهم وانجتهم من الغرق وَبعد انجائنا إياهم أمهلنا لهم ليكون مَتاعاً وتمتيعا لهم ولا خلافهم إِلى حِينٍ اى الى قيام الساعة كي نختبرهم هل يصلون الى ما جبلوا لأجله من المعرفة والتوحيد والهداية والايمان مع انا قد أرسلنا إليهم الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين والى أسلافهم ايضا

وَ؟؟؟؟؟ هم اى أسلافهم في غاية تعنتهم وعنادهم إِذا قِيلَ لَهُمُ على؟؟؟؟؟ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مما جرى على اسلافكم من الوقائع؟؟؟؟؟ المهائلة والنوائب الشديدة إليهم يشؤم مفاسدهم وطغيانهم على الله وعلى أنبيائه ورسله بالخروج عن إطاعتهما وانقيادهما وَاحذروا عن ما خَلْفَكُمْ من العذاب الموعود

<<  <  ج: ص:  >  >>