للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجميع أوصافه وأسمائه تتميما لرتبة خلافته ونيابته واستحقاقه لمرآتية الحق وقابلية انعكاس شئونه وتطوراته ولياقته للتخلق بأخلاقه وَبالجملة قد جَعَلَ وهيأ لَكُمُ ايها المجبولون على فطرة المعرفة والتوحيد السَّمْعَ لتسمعوا بها آيات التوحيد ودلائل اليقين والعرفان وَالْأَبْصارَ لتشاهدوا بها آثار القدرة والارادة الكاملة المحيطة بذرائر الأكوان وَالْأَفْئِدَةَ المودعة فيكم لتتأملوا بها سريان الوحدة الذاتية على هياكل الأشباح الكائنة والفاسدة وتتفكروا بها في آلاء الله ونعمائه المتوالية المتوافرة ومع وفور تلك النعم العظام والفواضل الجسام قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ وتؤدون حقها وتصرفونها الى مقتضياتها التي قد جبلها الحق لأجلها

وَمن غاية كفرانهم بنعم الله ونهاية عمههم وسكرتهم فيه قالُوا اى ابىّ ومن معه من المنافقين بعد ما سمعوا امر البعث والحشر ويوم العرض والجزاء مستبعدين مستفهمين مكررين على سبيل المبالغة في الإنكار أَإِذا ضَلَلْنا وقد اضمحللنا وغبنا فِي الْأَرْضِ وصرنا من جملة الهباآت المنبثة المتلاشية المتناثرة التي لا تمايز فيها أصلا أَإِنَّا بعد ما قد كنا كذلك ايها العقلاء المجبولون على فطرة الدراية والشعور لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ووجود مجدد معاد مثل ما كنا عليه قبل موتنا كلا وحاشا مالنا عود الى الدنيا سيما بعد ما متنا وصرنا ترابا وعظاما وايضا ما يقتصرون بمجرد قولهم هذا بَلْ هُمْ من غلظ غشاوتهم وغطائهم بِلِقاءِ رَبِّهِمْ الذي رباهم بأنواع النعم وأفاض عليهم سجال اللطف والكرم في النشأة الاخرى وبقبض ملك الموت أرواحهم بأمر الله إياه في النشأة الاولى كافِرُونَ منكرون جاحدون

قُلْ لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا بعد ما سمعت قولهم وانكارهم هذا يَتَوَفَّاكُمْ ويستوفى اجلكم أولا ايها المنهمكون في الغفلة والضلال مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ باذن الله لقبض أرواحكم ثُمَّ بعد ما قبضتم في النشأة الاولى وبعثتم من قبوركم احياء في النشأة الاخرى إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ للعرض والجزاء

وَلَوْ تَرى ايها المعتبر الرائي يومئذ بعد ما قد بعث الخلائق وعرضوا على ربهم حيارى سكارى تائهين هائمين إِذِ الْمُجْرِمُونَ المنكرون بالبعث والنشور والعرض وبشرف اللقاء حينئذ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ من غاية الخجالة والحياء قائلين من نهاية اضطرارهم واضطرابهم مناجين معه سبحانه رَبَّنا يا من ربانا بأنواع الكرامة فكفرناك وأرسلت إلينا رسلا فكذبناهم عنادا وأنكرنا عليهم وعلى دعوتهم مكابرة فاليوم قد أَبْصَرْنا ما هو الحق المطابق للواقع وَسَمِعْنا منك حقا صدق رسلك وجميع ما جاءوا به من عندك فَارْجِعْنا بفضلك ولطفك الى الدنيا مرة بعد اخرى وكرة بعد اولى نَعْمَلْ فيها عملا صالِحاً مرضيا عندك مقبولا لديك بمقتضى ما ابصرتنا واسمعتنا الآن وبالجملة إِنَّا مُوقِنُونَ اليوم بعموم ما قد جاء به رسلك ونطق به كتبك فيما مضى لو رأيت ايها المعتبر الرائي حالهم هذا وسمعت مناجاتهم هذه حينئذ لرأيت امرا فظيعا فجيعا ثم نودوا من وراء سرادقات العز والجلال الآن قد مضى وقت الاختبار والابتلاء وانقرض زمان التدارك والتلافي

وَلَوْ شِئْنا وتعلق ارادتنا ومشيتنا بهدايتكم أولا لَآتَيْنا في دار الابتلاء كُلَّ نَفْسٍ منكم هُداها ووفقكم عليها كما قد آتينا لخلص عبادنا ويسرنا لهم الهداية والرشد ووفقناهم عليها وَلكِنْ قد حَقَّ صح وثبت الْقَوْلُ والحكم مِنِّي حسب حكمتى ومصلحتي لَأَمْلَأَنَّ انا بمقتضى عزى وجلالي جَهَنَّمَ المعدة لأصحاب الشقاوة الازلية مِنَ الْجِنَّةِ التي هي جنود إبليس وَمن النَّاسِ الناسين بمقتضى العهود الفطرية والمواثيق الجبلية بتغريرات شياطين

<<  <  ج: ص:  >  >>