للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي قد طرأ علينا اليوم حتى لا نبتلى بهذا العذاب المؤبد المخلد

وَقالُوا ايضا متضرعين الى الله على سبيل التمني والتناجي رَبَّنا يا من ربانا بأنواع الكرامات واحسن تربيتنا بإرسال الرسل وإنزال الكتب فكذبنا الكتب والرسل وقد أنكرنا عليهما عنادا ومكابرة وبالجملة إِنَّا يا ربنا قد أَطَعْنا في انكار كتبك ورسلك سادَتَنا وَكُبَراءَنا الذين هم اصحاب الثروة والرياسة بيننا فحل عموم أمورنا وعقدها بأيدي أولئك الرؤساء البعداء الضالين المضلين فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا السوى المستقيم الموصل الى توحيدك وتصديق رسلك وكتبك وأنت اعلم منا يا ربنا بانا ما ضللنا الا بإضلال أولئك الطغاة البغاة الضالين المضلين

رَبَّنا آتِهِمْ جزاء اضلالهم وضلالهم ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ يعنى آتهم ضعف عذابنا ضعفا لضلالهم وضعفا لإضلالهم وَالْعَنْهُمْ واطرحهم يا ربنا وبعدّهم عن سعة رحمتك لَعْناً كَبِيراً طردا عظيما وتبعيدا بعيدا بحيث لا يرجى نجاتهم ابدا او طردا كثيرا متواليا متتاليا مستمرا على التعاقب والترادف. ثم وصى سبحانه عموم المؤمنين بان لا يكونوا مع نبيهم صلّى الله عليه وسلّم مثل بنى إسرائيل مع موسى الكليم صلوات الرحمن عليه وسلامه ولا يقصدوا أذاه صلّى الله عليه وسلّم كما قصدوا ولا يرموه صلّى الله عليه وسلّم بشيء لا يليق بشأنه كما قد رموا به موسى عليه السلام لان معاشر الأنبياء كلهم معصومون عن الكبائر مطلقا بل عن الصغائر ايضا على رأى صائب فلا بد لمن آمن بهم ان لا يرموهم بمكروه لا يليق بشأنهم مع انه سبحانه قد اظهر براءتهم وطهارة ذيلهم وعصمتهم عن مطلق المعاصي فما بقي الا اثم الافتراء والمراء على المفترين فينتقم سبحانه عنهم منه ويأخذ هم فقال

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقتضى ايمانكم انه لا تَكُونُوا قاصدين أذاه صلّى الله عليه وسلّم بنسبة المكروه والمنكر اليه صلّى الله عليه وسلّم او بتعييره وتشنيعه بأمر صدر عنه ولم تفهموا سره وبالجملة لا تكونوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى صلوات الله عليه وسلامه فاغتم منه وتحزن حزنا شديدا فَبَرَّأَهُ اللَّهُ المطلع على نزاهته ونجابة طينته وطهارة ذيله واظهر سبحانه طهارته وبراءته مِمَّا قالُوا يعنى مما هو مضمون قولهم ومؤداه وذلك ان قارون قد استأجر بغية بجعل كثير من ان ترمى موسى عليه السلام بنفسها فرموه بها ثم أحضروها في المجلس ليفضحوه على رؤس الملأ وأقرت بالهام الله إياها بعصمته عليه السلام وأظهرت ما أعطوها من الجعل فدعا موسى عليه السلام ففعل سبحانه بهم وبما معهم ما فعل من الخسف على الوجه الذي سمعت في سورة القصص او قذفوه بعيب بدنه عليه السلام من برص او ادرة فبرأه الله سبحانه حيث ذهب الحجر بثيابه بين الملأ وهو يمشى على عقب ثيابه عريانا حتى يظهر براءته لهم من العيب وَكيف لا يبرئه سبحانه ولا يظهر طهارته إذ قد كانَ موسى الكليم عليه السلام عِنْدَ اللَّهِ الذي اصطفاه واختاره للنبوة والرسالة والتكلم معه وَجِيهاً في كمال الوجاهة والقربة لذلك اختاره ليسمع كلامه سبحانه بلا واسطة صوت متقاطع وحرف متكيف وكلمة موضوعة وكلام مركب وبعد ما قد سمعتم حكاية ما جرى على أولئك البغاة الغواة المؤذين المفترين

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالله وبرسوله اتَّقُوا اللَّهَ المنتقم الغيور ولا تؤذوا رسوله صلّى الله عليه وسلّم بقول وفعل وَقُولُوا له بعد ما تكلمتم معه وفي شأنه قَوْلًا سَدِيداً صحيحا سالما بعيدا عن وصمة الأذى والتهمة والافتراء والجدال والمراء حتى لا يلحقكم ما لحق على قوم موسى ولكم الإخلاص بالله وبرسوله أخلصوا واستقيموا في الأفعال والأقوال معه وأطيعوا في عموم الأحوال

يُصْلِحْ لَكُمْ سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>