للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جانب الحق وتوفيق من لدنه لتكون أنت من ارباب اليمن والكرامة الموسومين باصحاب اليمين الذين لهم صحف أعمالهم من قبل ايمانهم التي هي علامة ايمانهم وعرفانهم

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ الطاوى المشتمل على تفاصيل ما صدر عنه بِيَمِينِهِ التي هو عنوان اليمن وعلامة الكرامة وبرهان الرضوان

فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً سهلا سريعا

وَيَنْقَلِبُ ويرجع هو بعد الحساب إِلى أَهْلِهِ الذي هم رفقاؤه في سبيل السعادة والكرامة الموصلة الى فضاء عالم اللاهوت وصفاء الوحدة الذاتية التي هي عبارة عن ينبوع بحر الوجود مَسْرُوراً مبسوطا فرحانا

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ وشماله التي هو عنوان الشقاوة ودليل العتاب والعقاب وانواع الملالة والندامة

فَسَوْفَ يَدْعُوا ويتمنى هو لنفسه ثُبُوراً ويلا وهلاكا لصعوبة حسابه وغلبة سيئاته على حسناته

وَبالآخرة يَصْلى يدخل ويطرح صاغرا ذليلا سَعِيراً مسعرة مملوة بنيران الشهوات والغفلات الصادرة منه بمتابعة الأوهام والخيالات وانواع الضلالات والجهالات الناشئة من القوى البهيمية الحاصلة من طغيان الطبيعة وثوران لوازم الإمكان

إِنَّهُ قد كانَ فِي أَهْلِهِ في دار الدنيا مَسْرُوراً بطرا فرحانا فخورا بالمال والجاه والثروة والسيادة متفوقا على الأقران يمشى على الأرض خيلاء وانما حمله عليه

إِنَّهُ ظَنَّ بل قد تيقن وجزم جهلا مركبا وعنادا أَنْ لَنْ يَحُورَ اى انه لن ينقلب ولن يرجع الى الله ولن يقوم بين يديه سبحانه للحساب والجزاء لذلك اجترأ على ما اجترأ من المعاصي. ثم قال سبحانه

بَلى ردعا عما قبله تصديقا لما بعده على سبيل التعريض إِنَّ رَبَّهُ الذي رباه على فطرة المعرفة وجبله على نشأة التوحيد قد كانَ بِهِ بَصِيراً عالما بتفاصيل اعماله الصادرة عنه على وجه الخبرة والبصارة بحيث لا يشذ عن حيطة علمه شيء من اعماله وأحواله فلا يهمله بل يعده عليه ويفصله له ويعيده ويجازيه حسب ما فصله. ثم قال سبحانه

فَلا أُقْسِمُ لإتيان يوم القيامة ولا ثبات ما فيها من الثواب والعقاب والجزاء والحساب وغير ذلك إذ هي امور ظاهرة مكشوفة عند ذوى الكشف والشهود من ارباب المحبة والولاء الواصلين الى بحر الوحدة وينبوع الحقيقة بل اقسم بِالشَّفَقِ المنبئ عن الشفقة والترحم الإلهي وهو عبارة عن البياض المعترض من أفق عالم اللاهوت عند انقضاء نشأة الناسوت حين حكم سبحانه بانطواء سجلات عموم التعينات ومطلق الهويات

وَاللَّيْلِ اى اقسم ايضا بالليل اى مرتبة العماء الإلهي وَما وَسَقَ اى ما ضم وجمع من الأنوار المنعكسة منها الى هياكل الأشباح

وَالْقَمَرِ اى أقسم ايضا بالقمر اى الوجود الظلي الكلى الإضافي المنبسط على مرآة العدم المنعكس من شمس الذات الاحدية المتشعشعة المتجلية من مطالع فضاء العماء اللاهوتية إِذَا اتَّسَقَ تم وعم وشمل الكل وصار بدرا كاملا بلا نقصان

لَتَرْكَبُنَّ ايها المكلفون ولتطرحن في نار القطيعة والحرمان طَبَقاً بعد طبق متجاوزا عَنْ طَبَقٍ بعيد عنه متجاوز في شدة الأهوال والافزاع وبعد الغور والطور والحرقة وانواع العذاب والنكال وبالجملة بحق هذه المقسمات العظام لدخلتم أنتم البتة في طبقات النيران لو كفرتم بالله وعصيتم امره وخرجتم عن مقتضى حدوده وأحكامه وبعد ما سمعوا ما سمعوا من الصادق الصدوق

فَما لَهُمْ اى أى شيء عرض عليهم ولحق بهم لا يُؤْمِنُونَ ولا يتصفون بالانقياد والتسليم سيما بعد ورود الزواجر من قبل الحق على ألسنة الرسل والكتب

وَمن كمال غفلتهم عن الله وضلالهم عن سنن الهداية والرشد إِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ المبين لطريق الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>