للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ

اى كل صاحب شرب يحضر الماء في يومه ولا يحضره غيره فيه على سبيل التوبة بلا تزاحم وتدافع. ثم لما قبلوا هذه القسمة بعد خروج الناقة من الصخرة المعهودة وصاروا عليها زمانا اضطروا وتضجروا من امر الناقة

فَنادَوْا صاحِبَهُمْ قدار بن سالف فتشاوروا معه في امر الناقة واضطرارهم ومواشيهم عن هذه القسمة فَتَعاطى اى أخذ سيفه قدار مغاضبا وكان من اجرئهم وأشجعهم في الوقائع والخطوب فَعَقَرَ اى قدار الناقة باتفاق القوم معه واستصوابهم ولم يبال بالقسمة والوصاية الإلهية في شأنها

فَكَيْفَ كانَ يعنى انظر ايها الناظر المعتبر كيف وقع وحل عَذابِي عليهم وَلحق نُذُرِ إياهم بعد عقر الناقة وبالجملة

إِنَّا بمقتضى قهرنا وجلالنا قد أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً هائلة مهولة فَكانُوا اثر سماع تلك الصيحة الهائلة كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ اى مثل الأشجار اليابسة البالية في حظائر الأموال تتناثر اجسادهم كالتراب

وَبالجملة لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ المشتمل على انواع الرشد والهداية لِلذِّكْرِ والعظة فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ يتذكر ويهتدى بهدايته وتذكيره

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ايضا أمثال هؤلاء المكذبين بِالنُّذُرِ الواردة النازلة عليهم بلسان نبيهم لوط عليه السلام وبعد ما أصروا على تكذيبه وإنكاره

إِنَّا بمقتضى قهرنا وغضبنا قد أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ من جانب السماء حاصِباً ريحا صرصرا شديدة عظيمة ترميهم بالحصباء اى الأحجار الصغار الى ان هلكوا بالمرة إِلَّا آلَ لُوطٍ هو لوط وبنتاه قد نَجَّيْناهُمْ من هذه الوقعة الهائلة والكرب العظيم بِسَحَرٍ اى وقت الصبح وانما نجيناهم ليكون انجاؤنا إياهم

نِعْمَةً منا واصلة ناشئة مِنْ عِنْدِنا ورحمة شاملة نازلة من لدنا عليهم بسبب ايمانهم وعرفانهم كَذلِكَ اى مثل ما فعلنا مع آل لوط نَجْزِي بمقتضى جودنا عموم مَنْ شَكَرَ لنعمنا ولم يكفر بموائد كرمنا

وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ لوط عليه السلام بمقتضى وحينا والهامنا إياه بَطْشَتَنا اى عن شدة بطشتنا وأخذنا إياهم بسبب فعلتهم القبيحة وديدنتهم الشنيعة فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ اى كذبوه في انذاراته ووعيداته مراء ومجادلة واستهزؤا معه وبعموم ما أوحينا اليه من الوعيد

وَمن شدة مرائهم واجترائهم عليه لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ وترددوا حول بيته حين نزول الملائكة عليه في صورة صبيان صباح ملاح اضيافا وقصدوا فجورهم ويمموا تفضيحهم فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ ومسحناها وصيرناها مستوية مع وجوههم فصاروا ممسوحة العيون.

روى انه لما دخلوا داره عنوة صفتهم جبرائيل عليه السلام صفقة فأعماهم دفعة فَذُوقُوا اى فقلنا لهم حينئذ ذوقوا عَذابِي وَنُذُرِ المنذر به على لسان نبينا لوط عليه السلام

وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ ولحق بهم بُكْرَةً قريبة من الصبح عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ مستمر عليهم الى ان يستأصلهم بالمرة ويسلمهم الى النار

فَذُوقُوا عَذابِي اى قلنا لهم حينئذ ذوقوا عذابي ايها المفسدون المسرفون وَذوقوا نُذُرِ ايها المنكرون المكذبون المفرطون

وَبالجملة لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ المبين لانواع الوعيدات الهائلة الجارية على اصحاب السرف والفساد لِلذِّكْرِ اى للعبرة والعظة فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ معتبر متعظ متيقظ يعتبر من وعيدات القرآن وانذاراته وما ذكر فيه من الحكايات. ثم قال سبحانه

وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ اى الإنذارات الواردة من لدنا على لسان كليمنا المؤيد من عندنا بالمعجزات الباهرة والآيات الظاهرة وبالجملة

كَذَّبُوا بِآياتِنا المنزلة من عندنا كُلِّها سيما بعد اقتراحهم والحاحهم عليها ونسبوها

<<  <  ج: ص:  >  >>