للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها ورؤساؤها ومتنعموها للرسل من فرط عتوهم وعنادهم اتكاء على ما عندهم من الجاه والثروة على سبيل التأكيد والمبالغة إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وبعموم ما قد جئتم لأجله ايها المدعون للرسالة والهداية والدعوة العامة واقامة الحدود بين الأنام كافِرُونَ جاحدون منكرون لا نقبل منكم أمثال هذه الخرافات

وَقالُوا مفتخرين بما عندهم من الجاه والثروة نَحْنُ اولى وأحرى بما ادعيتم من الرسالة والنبوة منكم إذ نحن أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وبالأموال نقتنص عموم المطالب والآمال وبمظاهرة الأولاد ندفع كل ملمة ومكروه وَبالجملة ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ لا في الدنيا لما سمعت من كرامة الأموال والأولاد ولا في الآخرة ايضا ان فرض وقوعها لأنا قوم أكرمنا الله في الدنيا فكذا يكرمنا فيها

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما بالغوا في الافتخار والمباهات بما عندهم من حطام الدنيا ومتاعها إِنَّ رَبِّي القادر المقتدر على انواع الانعام والانتقام يَبْسُطُ ويكثر الرِّزْقَ الصوري الدنيوي لِمَنْ يَشاءُ من عباده اختبارا لهم وابتلاء وَيَقْدِرُ اى يقل ويقبض عمن يشاء تيسيرا له وتسهيلا عليه حسابه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ المجبولين على السهو والنسيان لا يَعْلَمُونَ حكمة قبضه وبسطه سبحانه كذلك يفرحون بوجوده ويحزنون بعدمه ولم يتفطنوا ان وجوده يورث حزنا طويلا وعذابا أليما وعدمه يورث انواع الكرامات ونيل المثوبات ورفع الدرجات. ثم قال سبحانه تقريعا على المفتخرين بالأموال والأولاد

وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ ايها المغرورون بهما المحرومون عن اللذات الاخروية بسببهما ان تكونا وسيلتين وواسطتين بِالَّتِي اى بالخصلة الحسنى التي تُقَرِّبُكُمْ ايها المأمورون بالتقرب إلينا بالأعمال المقبولة عِنْدَنا زُلْفى يعنى تقريبا مطلوبا لكم مصلحا لأعمالكم وأحوالكم ومواجيدكم إِلَّا مَنْ آمَنَ منكم ايها المتمولون المتكثرون للأولاد وأيقن بتوحيده سبحانه وصدق رسله وكتبه وَمع ذلك قد عَمِلَ عملا صالِحاً مقبولا مرضيا عند الله متقربا به اليه سبحانه بان أنفق ماله في سبيل الله بلا من ولا أذى طلبا لمرضاته او علم أولاده علم التوحيد والاحكام وكذا علم العقائد المتعلقة بدين الإسلام فَأُولئِكَ السعداء المتمولون المقبولون عند الله المبسوطون من عنده بالرزق الصوري في هذه النشأة لَهُمْ في النشأة الاخرى جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا يعنى جزاؤهم من الرزق المعنوي في النشأة الاخرى بأضعاف ما استحقوا بأعمالهم الدنيوية الى العشرة بل الى ما شاء الله من الكثرة وَبالجملة هُمْ فِي الْغُرُفاتِ المعدة لأهل الجنة آمِنُونَ مصونون محفوظون عن جميع المؤذيات والمكروهات. ثم قال سبحانه

وَالكافرون المنكرون المكذبون لرسلنا وكتبنا الَّذِينَ يَسْعَوْنَ ويجتهدون فِي قدح آياتِنا الدالة على عظمة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا وعلى مطلق الاحكام الشرعية الجارية بين عبادنا المتعلقة لأحوالهم في النشأتين حال كونهم مُعاجِزِينَ ساعين قاصدين عجزنا عن اقامة حدودنا بين عبادنا واتخاذنا العهود والمواثيق منهم وعن وضع التكاليف والاحكام والآداب بينهم وبالجملة أُولئِكَ البعداء الطاعنون لآياتنا الكبرى الغافلون عن فوائدها العظمى فِي الْعَذابِ المؤبد المخلد مُحْضَرُونَ لا يتحولون منه ولا يغيبون عنه أصلا

قُلْ يا أكمل الرسل للمسرفين المنحرفين عن جادة العدالة الإلهية متكئين بما عندهم من الأموال والأولاد الفانية الزائلة مفتخرين بها تفوقا وتبجحا إِنَّ رَبِّي العليم المطلع على عموم استعدادات عباده الحكيم المتقن في افاضة ما يليق بهم يَبْسُطُ الرِّزْقَ يزيد ويفيض الصوري لِمَنْ يَشاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>