للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزهت ذاتى عن شوب الشركة مطلقا طَهِّرْ بَيْتِيَ هذا الممثل من بيتي الذي قد بنيته انا بكمال قدرتي وحكمتى في صدرك الا وهو قلبك الذي هو بيت الله الأعظم الحقيقي عن عموم المعاصي والآثام وعن انواع المؤذيات والخبائث والقاذورات وعموم المكروهات إذ قد جعلنا بيتنا هذا قدوة وقبلة لِلطَّائِفِينَ والقاصدين بطوافهم حول البيت المتحقق عند كعبة الذات والوقوف على عرفات الأسماء والصفات وَالْقائِمِينَ المواظبين بالتوجه الدائمى والميل الشرفى الحقيقي الحبى بجميع الأركان والجوارح نحو الذات الاحدية المنقطعين عن عموم العلائق والإضافات وَالرُّكَّعِ اى الراكعين الذين قد قصمت ظهور هوياتهم عن حمل أعباء العبودية وامانة المعرفة واليقين السُّجُودِ اى الساجدين المتذللين الخاضعين الواضعين جباه انانياتهم على تراب المذلة والانكسار لدى الملك الجبار القهار بسلب عموم السوى والأغيار

وَبعد ما قد أوصينا خليلنا ما أوصينا قلنا له امرا إياه على سبيل الوجوب أَذِّنْ اذانا تاما واعلم اعلاما عاما فِي النَّاسِ وبشرهم بِالْحَجِّ اى اعلم الداني منهم والقاصي بوجوب الحج عليهم وقد لزمهم بالزامنا وإيجابنا إياهم ان يَأْتُوكَ ويزوروا بيتك ويطوفوا حوله حال كونهم رِجالًا مشاة ان كانوا من الأداني وَركبانا راكبين عَلى كُلِّ ضامِرٍ بعير مهزول قد أهزله وأتعبه بعد المسافة إذ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ طريق عَمِيقٍ غائر بعيد ان كانوا من الأقاصي

وانما امرناهم بالحج وفرضناه عليهم لِيَشْهَدُوا وليحضروا مَنافِعَ لَهُمْ اى امكنة ينفعهم الحضور فيها والوقوف بها منافع النشأة الاخرى ويسهل عليهم طريق التوحيد بالفناء والافناء والانقطاع من حطام الدنيا والتعري عن لباس البأس والعناء والتخلص عن مقتضيات القوى والهوى والتحلي بلباس التزهد والتقوى عن امتعة الدنيا والتشمر نحو جانب المولى والتجرد عن موانع الوصول الى دار البقاء من الأموال والأولاد وعموم حظوظ الدنيا وَيَذْكُرُوا فيها اسْمَ اللَّهِ المشتمل لجميع الأوصاف والأسماء المحيط لعموم الأشياء احاطة الشمس على عموم الاظلال والأضواء واحاطة الروح على جميع الجوارح والأعضاء بلا تركب وانقسام الى ابعاض وأجزاء سيما فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ محفوظات قد عينها الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء للتوجه والدعاء وهي عشر ذي الحجة الحرام وقيل النحر فلهم ان يذكروا اسم الله ويهللوا به عَلى تذكية ما رَزَقَهُمْ الله وأباح لهم مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ مما ملكت ايمانهم حال كونهم متقربين بها الى الله هدية او اضحية فَكُلُوا بعد ما ذبحتم وذكيتم ايها الزائرون المتقربون مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ اى الذي قد شمله بؤس الفقر وأحاطت عليه شدة الفاقة

ثُمَّ بعد ذبح الهدايا والضحايا لْيَقْضُوا وليزيلوا تَفَثَهُمْ وأوساخهم العارضة لهم من رين الإمكان وشين الهويات ومقتضيات الأنانيات وَبعد تطهير أوساخ الإمكان وإكدار الهيولا والأركان لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ التي قد نذروها في قطع بوادي تعيناتهم ومهاوي هوياتهم وماهياتهم من ذبح بقرة امارتهم المضلة عن سواء السبيل وَبعد ما تطهروا من الأوساخ وأوفوا بالعهود والنذور لْيَطَّوَّفُوا منخلعين عن خلعة ناسوتهم متجردين عن ثياب بشريتهم وجلباب هويتهم بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ والركن الوثيق الذي هو عبارة عن قلب العارف المحقق المتحقق بمقام الفناء الذاتي والبقاء الأزلي الأبدي الذي لا يلحقه انصرام ولا يعرضه انقراض وانخرام فالامر

ذلِكَ لمن أراد السلوك لطريق الفناء والحج الحقيقي والطواف المعنوي وَبالجملة مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>