للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به احد من خلص عباده أصلا إذ هو خارج عن استعداداتهم مطلقا واما امر المعجزات والكرامات الخارقة للعادات الصادرة عن خواص عباد الله من الأنبياء والأولياء فما صدرت ايضا منهم هذه الأمور الا باطلاع الله إياهم وتوفيقهم عليها وهم مجبورون مضطرون في ظهور أمثال تلك الكرامات عنهم مع ان بعض ارباب المحبة والولاء الوالهين بمطالعة جمال الله وجلاله قد تحزنوا وتغمموا عند ظهور أمثاله كثيرا كما يشاهد من بعض بدلاء الزمان ادام الله بركته على معارف اهل الايمان والعرفان وبالجملة لا بد ان يكون الموحد في عموم أحواله وأوقاته متمسكا بحبل الرضاء والتسليم راضيا بما جرى عليه من صولجان القضاء بلا تطلب منه وترقب لشيء. جعلنا الله ممن تمكن بمقام الرضاء ورضى بجميع ما ثبت له بلا ترقب نحو شيء لا يرد عليه بل له ان يترصد في جادة الرضاء منتظرا بعموم ما يرد عليه من القضاء الحق في لوح القضاء

[سورة السجدة]

[فاتحة سورة السجدة]

لا يخفى على اهل العناية الموفقين من عند الله باستكشاف ما في طي كتابه من المعارف والحقائق المتعلقة بسرائر التوحيد والمسترشدين منه بقدر ما يسر الله لهم من الأخلاق الإلهية المودعة فيهم ان أمثال هذه الأسرار والرموز والإشارات المندرجة في هذا الكتاب لا يليق الا بجناب الحكيم الوهاب المطلع على سرائر ما ظهر وما بطن من آثار الوجود غيبا وشهادة دنيا وعقبا إذ لا يسع لبشر ان يتفوه بهذه الحكم والاحكام على هذا النهج والنظام الأبلغ الأكمل وليس في طاقتهم واستعدادهم الوقوف على المغيبات التي قد تخصص بها سبحانه وبالاحاطة بالأمور التي تعلقت بالنشأتين وترتبت على المنزلتين ومن له ادنى درية بأساليب الكلام ودراية في اتساقه وانتظامه وترتيب ألفاظه وكلماته وتطبيق معانيه وترصيف محاويه ومبانيه جزم انه خارج عن طور البشر ومعلوماته إذ لا مناسبة لعقولهم به وبما فيه من الرموز والإشارات الخارجة عن طور البشر وطوقه. ثم لما بلغ المرتابون في قدحه وطعنه ونسبته الى الاختلاق والافتراء مجادلة ومراء رد الله سبحانه عليهم على ابلغ وجه وآكده مخاطبا لحبيبه صلّى الله عليه وسلّم متيمنا باسمه الكريم بِسْمِ اللَّهِ الذي قد انزل على عباده الكتاب ليبين لهم طريق الصدق والصواب في سلوك سبيل التوحيد والعرفان الرَّحْمنِ لهم بإرسال الرسول الهادي الى دار السلام وروضة الجنان الرَّحِيمِ لهم يشرفهم فيها بلقاء الرحمن

[الآيات]

الم ايها الإنسان الكامل الأعلم للوازم لوامع أنوار الوجود اللائح على صفائح الأكوان بمقتضى الجود الملاحظ المطالع لها بتوفيق الله الملك الودود

تَنْزِيلُ الْكِتابِ الجامع لما في الكتب السالفة المبين لأحكام دين الإسلام المنزل عليك يا أكمل الرسل لتأييدك وترويج دينك لا رَيْبَ فِيهِ انه نازل من الله الجامع لجميع الأسماء والصفات كما ان مرتبتك جامعة لجميع مراتب اهل العلم وأنت مبعوث الى كافة الأمم هكذا قد صار كتابك نازلا مِنْ الله رَبِّ الْعالَمِينَ أيشكون ويترددون في نزوله من عنده سبحانه وتعالى أولئك الطاعنون الضالون

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ واختلقه من تلقاء نفسه ونسبه الى الله افتراء ومراء تغريرا وتلبيسا لا تحزن يا أكمل الرسل عليهم ولا تلتفت الى قولهم هذا بَلْ هُوَ الْحَقُّ الثابت المحقق المثبت نزوله مِنْ رَبِّكَ الذي رباك بأنواع الكرم واصطفاك من بين البرايا بالرسالة العامة قد أنزله إليك مشتملا على الإنذارات الشديدة والتخويفات البليغة لِتُنْذِرَ أنت بوعيداته قَوْماً قد انقطع عنهم آثار النبوة والرسالة لبعد العهد إذ ما أَتاهُمْ بعد عيسى صلوات الله عليه وسلامه مِنْ نَذِيرٍ انذرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>