للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزاء احسن بمراتب عن أعمالهم الحسنة التي قد أتوا بها.

ثم قال سبحانه وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ اى ما صح لهم وما ينبغي لشأنهم وما يليق بحالهم لِيَنْفِرُوا عن بلدانهم وأماكنهم كَافَّةً بحيث تخلو بلادهم عن الحفظة والحراس مطلقا فَلَوْلا وهلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ الى الرسول لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وليتعلموا شعائره وما يتعلق به من الآداب وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ بذلك إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ويقيموا لهم ما يتعلمون ويتفقهون من شعائر الإسلام ومعالم الدين القويم لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ من منهيات الدين القويم ويتصفون بمأموراته ويصلحون عقائدهم بها فيؤمنون ويوقنون بالله ويتدينون بدينه. ومن معظم شعائر الإسلام القتال

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ ويقرب منكم في حواليكم وحواشيكم مِنَ الْكُفَّارِ وَلتضيقوا ولتشددوا عليهم لْيَجِدُوا ويشاهدوا فِيكُمْ غِلْظَةً تشددا وتصبرا على القتال وجرأة وتهورا عليه فيخافوا منكم ويتركوا عنادهم وإصرارهم ولا تبالوا بكثرة عددهم وعددهم واجترءوا عليهم بلا مبالاة لهم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ القادر المقتدر بالقدرة التامة الكاملة مَعَ الْمُتَّقِينَ الذين يحفظون حدود ما انزل الله عليهم فتوكلوا عليه وامتثلوا بمأموراته ان كنتم موقنين

وَكيف لا تقاتلون ولا تشددون ايها المؤمنون على الغواة الطغاة المستهزئين الذين إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ من عندنا مشتملة على تكميل دينكم وزيادة ايمانكم ويقينكم فَمِنْهُمْ اى من المنافقين مَنْ يَقُولُ لأصحابه ورفقائه من خبث باطنه وركاكة فطنته استهزاء وسخرية أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ استحقارا لها واستهانة إياها إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله وبعموم ما نزل من عنده لإصلاح احوال عباده فَزادَتْهُمْ بعد ما تأملوا فيها وتدبروا في مرموزاتها إِيماناً يقينا واطمئنانا وَهُمْ بعد ما اطلعوا على مطلعها يَسْتَبْشِرُونَ بنزولها

وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ الا وهو التعامي عن آيات الله وعن مقتضى إشاراتها ورموزها فَزادَتْهُمْ هذه رِجْساً كفرا وشركا منضما إِلَى رِجْسِهِمْ الأصلي وكفرهم الجبلي بحيث صاروا منغمسين منهمكين بالكفر والضلال وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ مصرون على كفرهم وشركهم فلحقوا بشياطينهم الذين مضوا قبلهم. خسر الدنيا والآخرة. الا ذلك هو الخسران المبين

أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ من خباثة بواطنهم ورجاسة نفوسهم يُفْتَنُونَ ويقتلون ويصابون فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً بلية ومصيبة واحدة أَوْ مَرَّتَيْنِ بليتين كرتين لتلين قلوبهم بها ويتنبهوا فيتوبوا ثُمَّ لا يَتُوبُونَ الى الله من كفرهم ولا يرجعون نحوه بالإيمان والتوبة ليقبل عنهم بل يصرون على ما هم عليه وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ بها ولا يتذكرون ولا يتعظون منها بل يكابرون ويعاندون

وَمن جملة إصرارهم وعنادهم انهم إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مفضحة لهم مفصحة مصرحة بما هم عليه من النفاق والشقاق ونقض العهد والميثاق نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ يتغامزون بعيونهم ويقولون استهزاء وتهكما هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ من هؤلاء المؤمنين ثُمَّ انْصَرَفُوا من عنده مريدين النفاق والشقاق بأضعاف ما كانوا عليه بسبب تفضيحهم بهذه السورة لذلك صَرَفَ اللَّهُ المصرف المضل قُلُوبَهُمْ عن الايمان وجادة التوحيد والعرفان وما ذلك الا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ولا يفهمون لذة الايمان ولا يتخلقون على فطرة التوحيد وفطنة العرفان مثل المؤمنين الموحدين

ولذلك لَقَدْ جاءَكُمْ ايها الاعراب المجبولون على الكفر والكفران والشرك والطغيان رَسُولٌ مؤيد بالمعجزات الظاهرة والآيات الباهرة منتشئ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ومن جنسكم

<<  <  ج: ص:  >  >>