للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحسب الأولاد والاتباع وَأَكْثَرُ جَمْعاً لحطام الدنيا اما يستحى هذا الطاغي المسرف حتى ظهر على الله ولم يخف من بطشه وانتقامه بغتة وَمن سرعة نفوذ قضاء الله وقت ارادة إنفاذه عند الغضب على أعدائه لا يُسْئَلُ حينئذ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ إذ اطلاعه سبحانه على حالهم وضلالهم يكفى في انتقامهم فلا يحتاج الى سؤالهم وبعد ما ذكروا عنده من الزواجر والعبر فلم ينزجر ولم يعتبر بل ما زاد الا بطرا وخيلاء

فَخَرَجَ يوما من الأيام من بيته بطرا مباهيا عَلى قَوْمِهِ مستكبرا عليهم مغرورا مستغرقا فِي زِينَتِهِ الكاملة إذ هو على بغلة شهباء وهي الأبلق الذي كثر بياضه على سواده وعليه ثياب فاخرة حمر كلها تسر الناظر إليها من صفاء لونها وبهائها وعلى البغلة سرج من ذهب ومعه اربعة آلاف على زيه وقيل تسعون الفا كلهم على زيه وعلى خيولهم ومراكبهم ايضا اكسية حمراء وخرج الناس معه صافين حوله ناظرين نحوه متعجبين من حاله متمنين من الله رتبته وزينته حيث قالَ المفسدون المسرفون الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وزينتها وهمهم مقصورة إليها وغاية متمناهم حصول مثلها لهم متمنين متحسرين يا لَيْتَ لَنا من حظوظ الدنيا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ونصيب كامل من الدنيا وهو في دهره وحيد عصره فريد زمانه وشأنه

وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ اللدني والمعرفة الكاملة المتعلقة منهم بالله وبالنشأة الاخرى ردا عليهم وازالة لتحسرهم وردعا لهم عن متمناهم على ابلغ وجه وآكده وَيْلَكُمْ اى يلزمكم ويلكم ويحل عليكم هلاككم ايها القاصرون عن معرفة الحق وما يترتب عليها من المكاشفات والمشاهدات التي هي مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر الحاصلة لأرباب المحبة والولاء الوالهين في بيداء الألوهية طالبين الفناء فيها ليصلوا الى شرف البقاء واللقاء بل ثَوابُ اللَّهِ المحسن المفضل ورضاه من عبيده الحاصل لأرباب المعاملات من الأبرار والأخيار المحسنين الأدب مع الله في عموم أحوالهم خَيْرٌ من الدنيا وما فيها بل من اضعافها وآلافها لِمَنْ آمَنَ له احتسابا على نفسه وَعَمِلَ عملا صالِحاً يعنى قرن إيمانه بالعمل الصالح إحسانا منه بالنسبة اليه سبحانه وطلبا لمرضاته وَبالجملة لا يُلَقَّاها ولا يصل الى تلك المثوبة العظمى والدرجة العليا التي قد أعدها الله لعباده إِلَّا الصَّابِرُونَ على عموم ما جرى عليهم من البليات وعلى مشاق الطاعات ومتاعب العبادات والرضوان بما اعطاهم الحق ورزقهم من الحظوظ بلا تمن منهم ولا تحسر على مرتبة احد من اصحاب الجاه والثروة بل هم بما عندهم راضون وبما اعطاهم الحق بمقتضى قسمته الازلية متمكنون مطمئنون ألا انهم هم المؤمنون حقا وأولئك هم الفائزون المفلحون. ربنا اجعلنا من زمرتهم بمنك العظيم وجودك الكريم وبعد ما قد أمهلنا قارون زمانا ورفهناه نشطا فرحانا قد أخذناه غضبانا

فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ صاغرا مهانا يعنى قد طبقنا الأرض عليه وعلى أمواله وخزائنه بعد ما أخذتها وابتلعتها الأرض امتثالا بأمر نبينا موسى الكليم صلوات الله عليه وسلامه وذلك انه قد كان يؤذى موسى عليه السلام دائما حسدا عليه وكان موسى يداريه صيانة لقرابته ثم لما نزلت الزكاة صالح معه من كل ألف بواحد من اى جنس كان فحاسبه فبلغ مبلغا عظيما فاستكثره فمنعه فعمد الى ان يفضح موسى بين بنى إسرائيل بغيا عليه وعدوانا فبرطل بغيّة واعطى لها رشوة لترمى موسى بنفسها فلما كان يوم العيد قام موسى خطيبا فقال في خطبته من سرق قطعناه ومن زنى غير محصن جلدناه ومن زنى محصنا رجمناه فقال قارون لو أنت يا موسى قال ولو كنت انا قال ان بنى إسرائيل يزعمون انك قد فجرت مع فلانة قال موسى

<<  <  ج: ص:  >  >>