للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلَوْا ومضوا مِنْ قَبْلِكُمْ اى شانهم وقصتهم المشهورة المعروفة المنسوبة الى الأحرار الأبرار الواصلين الى دار القرار كيف مَسَّتْهُمُ بأبدانهم واجسادهم وهوياتهم الجسمانية الْبَأْساءُ المذلة المزمنة المزعجة المفنية لأنانياتهم وَكيف مستهم ايضا بأرواحهم المتكثرة باشباحهم المترتبة على الأوصاف الذاتية الإلهية الضَّرَّاءُ المسقطة للاضافات كلها وَبعد ما وصلوا الى هذه المرتبة المعبرة عنها بالقيامة والطامة الكبرى عند العارف زُلْزِلُوا اى اضطربوا وتلونوا وتذبذبوا لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء وكان حالهم هكذا بين الحيرة والحسرة يترددون ويتحيرون الى ان قد غلب على قلوبهم المحبة والشوق وانبعث من المحبة الخالصة والارادة الصادقة الصافية العشق المفرط المنبعث من جذب المعشوق الحقيقي المائل بالطبع عموم المظاهر نحوه وحينئذ احتاجوا الى نصر الله وتوفيقه وجذبه بلطفه فاضطروا واضطربوا في بين وبين وصاحوا الى اين واين حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ المرشد لهم الى طريق التوحيد مناجيا مع الله رافعا اليه سبحانه أمرهم وَيقول ايضا الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مشايعين له في قوله ودعائه مشاركين معه في هذا الاشتياق والاستبطاء وقلة التصبر وكمال الفزع والاضطرار والمراقبة والانتظار مَتى نَصْرُ اللَّهِ وغلبته علينا حتى تتخلص من التلون والتذبذب بل من التمكن بل الكون والتكون والظهور والإظهار والغيب والشهادة وغير ذلك من الإضافات مطلقا حتى قيل لهم حينئذ وما لنا تعيين القائل إذ لا قائل في الوجود الا هو منبها مستعربا مستعجبا مستغربا أَلا اى تنبهوا ايها الاظلال الممدودة المتعددة المنتشئة من الأوصاف المحمودة الذاتية الاحدية المضافة بعضها الى بعض ارفعوا اضافتكم عن البين وغشاوتكم عن العين حتى تتصل العين بالعين ويرتفع البين عن البين وقولوا وما ادرى هاهنا ايضا من القائل وما المقول به وما المقول اليه وما هذا وماذا أدركنا بلطفك عن حجاب الألفاظ وغشاوة العبارة إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ وغلبته عليكم ايها الاظلال قَرِيبٌ حاضر غير مغيب لو تنبهتم الى ذي ظلكم والتنبه له محال الا لمن كشف سبحانه عليه كيفية الظل والاظلال والامتداد والتعدد الحاصل فيه والكوائن الغير المتناهية والمكونات الغير المحصورة الحاصلة فيه الكائنة من عكوس أوصافه واظلال أسمائه باشخاصها وأنواعها وأجناسها الى ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله وبالجملة لا تحوم الفهوم حول سرادقات عز جلاله حتى تتفوه عن مكنوناته ومصنوعاته إذ ليس كمثله شيء ليقاس عليه ولا دونه حي ليسمع فيه ويبصر به بل هو السميع وهو البصير وبالجملة ليس وراء الله مرمى ومنتهى

يَسْئَلُونَكَ اى الهادي للكل عن الانفاق وعن ما ينفق به وعن من ينفق عليه ويقولون ماذا يُنْفِقُونَ اى اى شيء ينفقه المنفق في سبيل الله قُلْ لهم يا أكمل الرسل كلاما ناشئا عن محض الحكمة ما أَنْفَقْتُمْ اى اى جنس أنفقتم كما وكيفا سواء كان تمرة او كسيرة او حبة او ذرة صادرة مِنْ خَيْرٍ خالص عن شوب المنة والأذى فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إليكم بسببهما اى فهم اولى ان كانوا مستحقين وَبعد ذلك أولاهم الْيَتامى الذين لا متعهد لهم وَبعد ذلك الْمَساكِينِ الذين قد أسكنهم المذلة والهوان وَبعد ذلك ابْنِ السَّبِيلِ وهم الذين قد تعذر لهم الوصول الى املاكهم ومملوكاتهم وَبالجملة اعلموا ايها المؤمنون انه ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ خالصا لرضا الله سبحانه فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ بصدوره عنكم وبنياتكم فيه ثم لما ظهر امر الإسلام وعلا قدره وارتفع مناره فرض سبحانه على المؤمنين الموقنين بطريق التوحيد

<<  <  ج: ص:  >  >>