للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي بُيُوتِكُنَّ غير مخرجات لطلبه إذ بيوتكن مهبط الوحى ومحل نزول الآيات المنزلة فلكن ان تلازمن خدمة النبي صلّى الله عليه وسلّم وتشاهدن عليه صلّى الله عليه وسلّم من برحاء الوحى الموجب لقوة الايمان وكمال اليقين والعرفان فليس لكن ان تخرجن من بيوتكن وتتعبن انفسكن في طلب ما يتلى مِنْ آياتِ اللَّهِ الدالة على وحدة ذاته وكمالات أسمائه وصفاته وَالْحِكْمَةِ المتقنة الدالة على متانة فعله ووثاقة تدبيره إِنَّ اللَّهَ المطلع لعموم السرائر والخفايا كانَ لَطِيفاً يعلم دقائق ما في ضمائر عباده ورقائقه خَبِيراً ذو خبرة تامة كاملة على سوانح صدورهم وخواطر قلوبهم فعليهم ان يخلصوا الله جميع ما أتوا به ويجتنبوا عن مطلق التهاون والتواني في امتثال الأوامر والنواهي الإلهية وينقادوا له ويسلموا اليه مفوضين أمورهم كلها

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ المسلمين المخلصين المفوضين وَالْمُسْلِماتِ المفوضات المخلصات وَالْمُؤْمِنِينَ الموقنين الموحدين وَالْمُؤْمِناتِ الموقنات الموحدات وَالْقانِتِينَ الخاضعين المتذللين مع الله في عموم الطاعات والعبادات بل في جميع الحالات وَالْقانِتاتِ الخاضعات الخاشعات وَالصَّادِقِينَ في جميع الأقوال المخلصين في عموم الأعمال وَالصَّادِقاتِ كذلك وَالصَّابِرِينَ في البأساء والضراء بجميع ما جرى عليهم من سلطان القضاء وَالصَّابِراتِ ايضا كذلك وَالْخاشِعِينَ المتواضعين المتضرعين نحو الحق بجوانحهم وجوارحهم وَالْخاشِعاتِ ايضا كذلك وَالْمُتَصَدِّقِينَ بما عندهم من فواضل الصدقات طلبا لمرضاة الله وهربا عن مساخطه وَالْمُتَصَدِّقاتِ ايضا كذلك وَالصَّائِمِينَ الممسكين الحافظين نفوسهم مطلقا عما لا يرضى عنه سبحانه وَالصَّائِماتِ الممسكات انفسهن كذلك وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ عن امارات الزنا ومقدمات السفاح مطلقا وَالْحافِظاتِ ايضا كذلك وَالذَّاكِرِينَ المشتغلين بذكر الله باللسان والجنان وعموم الجوارح والأركان المتذكرين اللَّهَ باسمه الجامع الشامل لجميع الأسماء والصفات لا على سبيل التعديد والإحصاء ولا في حين دون حين بل كَثِيراً مستوعبا لعموم الأحيان والأزمان والأمكنة والاحياز وفي جميع الأوقات وعموم الحالات والآنات وَالذَّاكِراتِ ايضا كذلك قد أَعَدَّ اللَّهُ المصلح لأحوالهم المطلع على عموم ما قد جرى في ظواهرهم وبواطنهم من الإخلاص على وجه التذلل والانكسار وهيأ لَهُمْ اى لهؤلاء المتصفين بالصفات المرضية المذكورة والأخلاق المحمودة المقبولة عند الله مَغْفِرَةً سترا وعفوا لما صدر عنهم من الصغائر هفوة ومن الكبائر ايضا بعد ما تابوا وأنابوا عنها وأخلصوا فيها على وجه الندم وَأَجْراً جزيلا جميلا لصالحات أعمالهم عَظِيماً بأضعاف ما استحقوا بحسناتهم تفضلا عليهم وامتنانا. ثم لما أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ان يزوج بنت عمته التي هي اميمة بنت عبد المطلب المسماة بزينب بنت جحش لزيد بن الحارث الذي هو مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودعيّه وعتيقه فأبت هي وأمها اميمة وأخوها عبد الله بن جحش فاعرضوا عن تزويجها اليه لئلا يلحق العار عليهم من تزويج الشريفة بالمولى فنزلت

وَما كانَ يعنى ما صح وما جاز لِمُؤْمِنٍ اى لواحد من المؤمنين وَلا مُؤْمِنَةٍ واحدة من المؤمنات بعد ما أخلصوا الايمان بالله ورسوله ان يتخلفوا عن حكمهما أصلا سيما إِذا قَضَى اللَّهُ الحكيم المتقن في أفعاله وَقد نفذ ايضا رَسُولُهُ أَمْراً من الأمور المقضية وحكما من الاحكام المحكومة المبرمة أَنْ يَكُونَ اى يثبت ويبقى لَهُمُ الْخِيَرَةُ والاختيار والترجيح بان يختاروا مِنْ أَمْرِهِمْ المحكوم به والمقضى عليه شيأ يخالف الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>