للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى السحر والشعبذة وانواع الخرافات الباطلة البعيدة عن شأنها بمراحل فَأَخَذْناهُمْ وانتقمنا منهم بعد ما بالغوا في العتو والعناد أَخْذَ عَزِيزٍ قادر غالب لا يغالب مطلقا مُقْتَدِرٍ كامل في القدرة بحيث لا يعجز عن مقدور قط فأغرقناهم واستأصلناهم بحيث لم يبق منهم احد على وجه الأرض ثم خاطب سبحانه كفار مكة على سبيل التوبيخ والتهديد فقال

أَكُفَّارُكُمْ يا معشر العرب خَيْرٌ وأفضل مطلقا مِنْ أُولئِكُمْ الكفار المعدودين المذكورين وجاهة وثروة ومالا ومظاهرة ومكنة ومكانة مع انكم لستم أمثالهم وهم مع شدة قوتهم وشوكتهم ما نجوا من عذاب الله أتنجون أنتم ايها الحمقى البطرون أَمْ قد نزل لَكُمْ بَراءَةٌ من العذاب مكتوبة فِي الزُّبُرِ السماوية والكتب الإلهية بان من كفر منكم وخرج عن مقتضى الحدود الإلهية فهو ناج من عذاب الله برئ عن انتقامه

أَمْ يَقُولُونَ من شدة حماقتهم وسخافة فطنتهم نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ اى نحن جماعة مجتمعون ومتفقون أمرنا ورأينا متفق ننصر وننتصر بعضنا ببعض بحيث لا نغالب ولا نرام أصلا وهم من غاية بطرهم ونهاية غفلتهم وغرورهم يقولون أمثال هذه الهذيانات الباطلة ولم يعلموا انه

سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ويفرد جنس المجموع اى جميعهم على وجه الهزيمة وَهم قد يُوَلُّونَ الدُّبُرَ اى ينصرف كل منهم عن عدوه مستدبرا منه منهزما عنه في الدنيا

بَلِ السَّاعَةُ الموعودة مَوْعِدُهُمْ العظيم لتعذيبهم في العقبى وَبالجملة السَّاعَةُ والعذاب الموعود فيها أَدْهى اى أشد واعيى من دواهيها لا دواء لها ولا نجاة عنها وَأَمَرُّ مذاقا من عذاب الدنيا بل هي بأضعاف ما فيها من البليات والمصيبات وآلافها وبالجملة

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ المتصفين بالجرائم المستلزمة للخروج عن الحدود الإلهية وعن مقتضى الأوامر والنواهي المنزلة من عنده سبحانه فِي ضَلالٍ مبين عن الحق واهله في العاجل وَسُعُرٍ نيران مسعرة معدة لهم في الآجل اذكر يا أكمل الرسل

يَوْمَ يُسْحَبُونَ ويجرون فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ صاغرين مهانين فيقال لهم حينئذ ذُوقُوا ايها المفسدون المسرفون مَسَّ سَقَرَ اى مساس جهنم وشدة حرها وحرقها بدل ما تتنعمون في دار الدنيا بلذاتها الشهية وشهواتها البهية البهيمية وكيف لا ندخل المجرمين في نيران القطيعة ولا نجرهم نحوها مهانين صاغرين فإنهم قد خرجوا عن مقتضى تدبيرنا واوضاعنا الناشئة منا على مقتضى الحكمة المتقنة البالغة المعتدلة

إِنَّا بمقتضى كمال علمنا وشمول قدرتنا وارادتنا المقتضية للحكم والمصالح قد خلقنا وأظهرنا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ وأظهرناه من كتم العدم مقرونا معلوما بِقَدَرٍ اى بمقدار نقدره في حضرة علمنا ولوح قضائنا ونرتب على المقدار المقدر وجود المقدور المخلوق فنظهره على وفقه

وَلا تستبعدوا من حيطة حضرة علمنا الشامل وقدرتنا الكاملة تفاصيل عموم المظاهر والمخلوقات والمقدورات وترتب وجوداتها على مقاديرها المقدرة لها في لوح قضائنا المحفوظ وحضرة علمنا المحيط إذ ما أَمْرُنا وحكمنا المبرم الصادر منا في السرعة والمضاء بالنسبة الى عموم الكوائن والفواسد الواقعة في عموم الازمنة والآنات وبالنسبة الى جميع الخواطر والخواطف والاختلافات الواقعة في حركات العروق الضوارب في هياكل الهويات واشكال الحيوانات بل بالنسبة الى ما في عموم الاستعدادات والقابليات ما هي إِلَّا فعلة واحِدَةٌ صادرة منا بلا توقف وتراخ وبلا تعقيب ومهلة بل كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ اى كنظرة سريعة بالطرف هيهات هيهات والله ما هذا التمثيل لسرعة نفوذ القضاء الإلهي الا بحسب احلام الأنام وبمقتضى افهامهم

<<  <  ج: ص:  >  >>