للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع ان طبع الماء يقتضى الاحاطة بجميع جوانبها بحيث لا يبدو من كرة الأرض شيء خارجا عنه وَبعد ما ابدأ بعضها من الماء عناية منه سبحانه إياكم قد جَعَلَ خِلالَها اى اوساط الأرض البادية أَنْهاراً جارية تتميما لأمور معاشكم عليها وَايضا جَعَلَ لَها اى للأرض رَواسِيَ وجبالا شامخات وأودع فيها معادن الفلزات ومنابع المياه ومراتع الحيوانات تتميما وتكميلا لمصالحكم ومعايشكم وَايضا جَعَلَ سبحانه من كمال مرحمته ولطفه بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ العذب والمالح حاجِزاً مانعا حصينا لئلا يختلطا ولا يختل نظام معاشكم عليها أَإِلهٌ تدعون ايها الجاهلون مَعَ اللَّهِ المتوحد المتفرد في ذاته المستقل في تصرفاته الواقعة في مملكته بَلْ أَكْثَرُهُمْ لانهماكهم في الغفلة والجهل عن الله وعن حق قدره وقدر ألوهيته لا يَعْلَمُونَ شيأ من آداب عبوديته لذلك ينسبون اليه سبحانه ما لا يليق بشأنه جهلا ومكابرة

أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ القلق الحائر في أموره بلا رشد منه الى مخرجه ومخلصه إِذا دَعاهُ وتضرع نحوه دعوة مؤمل صريع ومتمن فجيع سواه سبحانه وَمن يَكْشِفُ السُّوءَ المتفاقم على ذوى الأحزان واولى المصائب والملمات غيره سبحانه وَبالجملة من يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ من الاسلاف الذين مضوا عليها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد تدعون ايها الجاهلون المسرفون المكابرون وأنتم ايها المبطلون المفرطون من نهاية جهلكم المركوز في جبلتكم وغفلتكم من الوهية الحق ومن غاية غيكم وضلالكم عن توحيده قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ اى قليلا منكم تتذكرون آلاء الله ونعماءه المتوالية المترادفة عليكم آنا فآنا طرفة فطرفة ايها الكافرون المعاندون المكابرون

أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ ويرشدكم ايها الحمقى فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بالنجوم الزاهرات وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ المبشرات لتكون لكم بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ اى بشارة بالمطر المحيي لأموات الأراضي بأنواع النباتات والحبوبات المبقية لأصناف الحيوانات أَإِلهٌ قادر على أمثال هذه الأفعال المتقنة والآثار المحكمة مَعَ اللَّهِ المستقل بالقدرة الكاملة والحكمة الباهرة والرحمة العامة الشاملة تدعون وتعبدون ايها الحمقى الجاهلون مع انه قد تَعالَى اللَّهُ وتنزه ذاته وتعاظمت أسماؤه وصفاته عن مشابهة الأمثال وعن مطلق المشاركة معها في عموم الآثار والأفعال سيما عَمَّا يُشْرِكُونَ له أولئك المشركون المسرفون من الأوثان والأصنام

أَمَّنْ يَبْدَؤُا ويظهر الْخَلْقَ اى عموم المخلوقات والمكونات من كتم العدم إبداء إبداعيا وإيجادا اختراعيا بعد ما لم يكن شيأ مذكورا برش نوره عليها ومد ظله إليها بمقتضى لطفه وجماله ثُمَّ بعد إظهاره وإيجاده على الوجه الأغرب الابدع من يُعِيدُهُ ويبعثه بعد اعدامه وإماتته بمقتضى قهره وجلاله على النمط البديع العجيب الغريب ايضا وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ ويقوّم امزجتكم بأنواع الاغذية الحاصلة مَنْ امتزاج آثار فواعل السَّماءِ وَقوابل الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ القادر المقتدر على إنشاء انواع البدائع وإبداء اصناف الغرائب والعجائب المكونة في التراب اليابس الجامد لتكون غذاء لمن عليها من الحيوانات تثبتون وتشركون ايها الحمقى المشركون المسرفون المكابرون وان أصروا على شركهم وكفرهم سيما بعد ما سمعوا قوارع الدلائل القاطعة وشواهد الحجج والبراهين الساطعة المذكورة في كتابك هذا المثبتة لتوحيد الحق المبينة له على الوجه الأبلغ الأكمل قُلْ لهم يا أكمل الرسل إلزاما عليهم وتبكيتا هاتُوا ايها الحمقى بُرْهانَكُمْ على دعواكم الوهية معبوداتكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في هذه الدعوى وبعد ما قدمت

<<  <  ج: ص:  >  >>