للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفخة الاولى ثم يحشرون ويعذبون

يَوْمَ اى يومئذ لا يُغْنِي عَنْهُمْ ولا يدفع كَيْدُهُمْ الذي أتوا به في دار الندوة والابتلاء شَيْئاً من الدفع والإغناء في رد عذاب الله وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ولا يمنعون حينئذ من بطشه وعذابه بل هم مع ذلك لا يمهلون الى العذاب الآجل ايضا بل يعذبون في العاجل والبرزخ ايضا بأنواع العذاب والنكال كما قال سبحانه

وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ العذاب الأخروي الموعود لهم ألا وهو وقوعهم في نيران الإمكان بأنواع الخيبة والخسران وتقيدهم فيها بسلاسل الآمال الطوال وأغلال الأماني وأنكال اللذات والشهوات المتواردة عليها والمصيبات المتعاقبة إياهم في عموم الأوقات والساعات بحيث لا يسع لهم التنفس لحظة خلصنا الله وعموم عباده عن أمثاله وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ولا يفهمون المها مع انها من أشد العذاب ايلاما وأصعب الوبال والنكال انتقاما أعاذنا الله وعموم عباده منها

وَبالجملة اصْبِرْ يا أكمل الرسل لِحُكْمِ رَبِّكَ بإمهالهم الى قيام الساعة وابقاءك فيما بينهم بأنواع التعب والعناء ولا تستعجل لمقتهم وهلاكهم ولا تخف من مكرهم وكيدهم معك وغدرهم عليك فَإِنَّكَ محفوظ بِأَعْيُنِنا وكنف حفظنا ووفور حراستنا وحضانتنا نكفيك ونكف عنك مؤنة شرورهم ولا تلتفت إليهم ولا تبال بمكرهم وكيدهم ولا تشتغل عنا بهم وبمخاصمتهم ونزاعهم وَسَبِّحْ اى نزه ربك عن ان يعجز عن أخذهم وانتقامهم او عن انجاز ما وعد لك من تعذيبهم وكن مشغولا بِحَمْدِ رَبِّكَ في عموم أوقاتك وحالاتك سيما حِينَ تَقُومُ من منامك

وَمِنَ اللَّيْلِ حين استراحتك فيه فَسَبِّحْهُ لتكون على ذكر من ربك حين رقودك وركود حواسك ليكون ذكرك حينئذ توصية منك بمتخيلتك وإرشادا لها وتعليما إياها وَسبحه ايضا إِدْبارَ النُّجُومِ اى وقت دبور النجوم وغبورها وظهور ضياء الشمس من الشرق وشروقها فان كلا الوقتين وقت فراغ البال عن مطلق التشتت والاشغال العائقة عن التوجه جعلنا الله ممن خفف أثقاله وقلل آماله بمنه وجوده

[خاتمة سورة الطور]

عليك ايها المحمدي المتوجه نحو المقام المحمود الذي هو مرتبة الكشف والشهود هداك الله الى سواء السبيل ووقاك عن مطلق التغير والتبديل ان تخلى خلدك عن الركون الى ما سوى الحق وعن الالتفات الى عموم ما يشغلك عن التوجه اليه والتحنن نحوه وعليك الاشتغال بالتسبيح والتقديس في عموم أوقاتك وحالاتك سيما في أثناء صلواتك وتهجداتك في خلال خلواتك وإياك إياك الميل الى مزخرفات الدنيا ولذاتها وشهواتها والاختلاط مع ابنائها المنغمسين بقاذوراتها فان التلطخ بزخرفة الدنيا يكل الأبصار ويعمى القلوب التي في الصدور. خفف عنا بلطفك ثقل الأوزار وارزقنا بفضلك وجودك عيشة الأبرار واصرف عنا بمقتضى كرمك شر الأشرار التي هي عبارة عن زخرفة الدنيا الغدار الغرار

[سورة النجم]

[فاتحة سورة النجم]

لا يخفى على المتحققين بمقام الكشف والشهود والمنجذبين نحو الحق بشراشرهم بلا تلعثم وتلوين ان من تمكن في مرتبة المعرفة وتقرر في مقر التوحيد مصفيا سره وسريرته عن مكدرات التخمين والتقليد بحيث قد صار فانيا في الله باقيا ببقائه متكلما بكلامه متخلقا بأخلاقه متصفا بأوصافه سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>