للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واوهامهم وإلا فلا يكتنه سرعة قضائه أصلا حتى يمثل بها ويشبه لها. ثم قال سبحانه على سبيل الوعيد والتهديد

وَكيف لا تخافون ايها المسرفون المفرطون عن شدة بطشنا وانتقامنا لَقَدْ أَهْلَكْنا واستأصلنا أَشْياعَكُمْ واشباهكم وأمثالكم في الكفر والعناد وانواع الفسوق والفساد بأصناف العقوبات والبليات الهائلة فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ متذكر يتعظ من إهلاكهم وهلاكهم ويعتبر مما جرى عليهم من الشدائد

وَكما عذبناهم بجرائمهم وآثامهم في النشأة الاولى كذلك بل بأضعافه وآلافه نعذبهم في النشأة الاخرى ايضا بها إذ كُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فيما مضى وصدر عنهم في النشأة الاولى محفوظ مثبت فِي الزُّبُرِ اى كتب الحفظة المراقبين عليهم من لدنا المحافظين على عموم أحوالهم وأفعالهم وأطوارهم

وَكيف لا يحفظ إذ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وقليل وكثير على التفصيل مُسْتَطَرٌ اى مثبت مسطور في لوح القضاء أولا وفي صحائف أعمالهم ثانيا وبالجملة لا يعزب عن حيطة حضرة علمه سبحانه شيء من أعمالهم وأقوالهم وأطوارهم وأحوالهم مطلقا ولو طرفة وخطرة. ثم عقب سبحانه وعيد المجرمين بوعد المؤمنين على سنته المستمرة في كتابه فقال

إِنَّ الْمُتَّقِينَ المتحفظين نفوسهم عن مطلق المحرمات والمنهيات متنعمون فِي جَنَّاتٍ متنزهات العلم والعين والحق وَنَهَرٍ جداول جاريات من المعارف والحقائق منتشآت من بحر الحياة التي هي العلوم اللدنية المتجددة حسب تجددات التجليات الإلهية متمكنون

فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ هو مقام التسليم والرضاء بعموم مقتضيات القضاء عِنْدَ مَلِيكٍ يملك رقابهم يتكفل على عموم أمورهم وحوائجهم مُقْتَدِرٍ على تدابيرها حسب الحكمة البالغة المتقنة. جعلنا الله من زمرة المتقين المتمكنين في مقعد الصدق عند المليك المقتدر العليم الحكيم

[خاتمة سورة القمر]

عليك ايها المريد القاصد المتمكن في مقعد الصدق والمتحقق في مرتبة اليقين الحقي وفقك الله للوصول الى غاية مقصدك ومرماك ان تقى نفسك عن مطلق المحظورات والمنهيات المنافية لسلوك طريق الحق وتوحيده سيما من الرياء والرعونات المنتشئة من ظلمات الطبيعة والهيولى المتفرعة عن التعينات العدمية المستلزمة للكثرة الوهمية المنافية لصرافة الوحدة الذاتية الإلهية وتلازم العزلة والفرار عن أبناء الدنيا الدنية وأمانيها مطلقا وتقنع منها بضرورياتها المقومة لهيكل هويتك الظاهرة لمصلحة المعرفة والتوحيد حتى يتيسر لك الوقوف بين يدي ملك مقتدر متوحد في الوجود والقيومية متفرد في الثبوت والديمومية. ثبتنا على منهج اليقين والتمكين وجنبنا بجودك عن امارات التخمين والتلوين بحولك يا ذا القوة المتين

[سورة الرحمن]

[فاتحة سورة الرحمن]

لا يخفى على من تحقق بفسحة قلب الإنسان المصور على وسعة عرش الرحمن ان حكمة خلق الإنسان على فطرة المعرفة والايمان وتعليم القرآن عليه انما هو للبيان والبرهان على ثبوت خلافته ونيابته للحق وتنبهه برفعة درجته وعلو شأنه ومكانته من بين عموم الأكوان لذلك قال سبحانه في مقام الانعام والامتنان عليه تنبيها له وتعليما بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي ظهر على قلب

<<  <  ج: ص:  >  >>