للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأهواء والآراء الباطلة ينكرون الإعادة مع انه هُوَ اى الإظهار بعد الاعدام أَهْوَنُ وأسهل عَلَيْهِ سبحانه بالنسبة الى عقولهم السخيفة وأحلامهم الضعيفة من الإبداء والإبداع عن لا شيء وبلا سبق مادة وان كان نسبة قدرته وارادته سبحانه الى كل ما دخل تحت حيطة حضرة علمه وخبرته على السواء إذ ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر وكرر النظر تكرارا هل ترى من فطور وفتور وقصور في مبدعات الحق ومخترعاته ما ترى البتة وَكيف تتفاوت دون قدرته الأشياء إذ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى واليد الطولى والتصرف التام والاقتدار العام الشامل لكل ما لاح عليه برق الوجود سواء كان فِي السَّماواتِ اى العلويات التي هي عالم الأسماء والصفات باعتبار التنزلات من مرتبة الاحدية والعماء الذاتي التي لا يسعها ادراك مدرك وخبرة خبير وَالْأَرْضِ اى السفليات التي هي عبارة عن عالم الهيولى والطبيعة القابلة لان تنعكس منها اشعة أنوار العلويات المتفاوتة حسب تفاوت الشئون والتطورات المترتبة على الأسماء والصفات المتخالفة المتكثرة بحسب التجليات الحبية الإلهية حسب الكمالات الذاتية المشتمل عليها الوجود المطلق وَكيف لا يكون له سبحانه المثل الأعلى إذ هُوَ الْعَزِيزُ الغالب في ذاته قد تفرد بوجوب الوجود ودوام البقاء المنيع فناء عز سرادقات سطوته وسلطنته عن وصمة الكثرة وسمة التعدد والحدوث وكذا عن شوب النقص والقصور مطلقا الْحَكِيمُ المتقن في عموم أفعاله وآثاره بالاستقلال حسب حيطة حضرة علمه المحيط بجميع وجوه الكمالات اللائقة لكل ذرة من ذرائر الكائنات لذلك قد

ضَرَبَ لَكُمْ سبحانه تبيينا وتنبيها مَثَلًا متخذا منتزعا مِنْ أَنْفُسِكُمْ ايها المشركون المتخذون لله شركاء من مصنوعاته وعبيده إذ هي اقرب الأشياء إليكم وأوضحها عندكم هَلْ لَكُمْ ايها الأحرار المتصرفون بالاستقلال في منسوباتكم متصرف آخر سواكم سيما مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وحصلت من اكسابكم من العبيد والإماء الذين من جملة منسوباتكم وهل يصح ويجوز لمملوكاتكم ان يكونوا ويعدوا مِنْ شُرَكاءَ معكم يتصرفون أمثالكم فِي ما رَزَقْناكُمْ اى في أموالكم المنسوبة إليكم مثل تصرفكم بلا اذن منكم وبالجملة فَأَنْتُمْ ايها المالكون وكذا ما ملكت ايمانكم فِيهِ اى في التصرف والاحتياج الى الأموال سَواءٌ إذ هم أمثالكم فباىّ شيء تحتاجون اليه أنتم هم ايضا محتاجون اليه بلا تفاوت لكن أنتم تَخافُونَهُمْ وتحذرون منهم ان يتصرفوا في أموالكم واكسابكم بلا اذن منكم كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ اى كخوفكم من سائر الأحرار من بنى نوعكم يعنى تخافون أنتم على تضييع أموالكم منهم مثل خوفكم من احرار بنى نوعكم بل أشد من ذلك وبالجملة أنتم تخافون منهم ان تساووا معكم في التصرف في أموالكم فلذلك منعتموهم ولم ترضوا بتصرفهم وشركتهم معكم في حطام الدنيا فكيف ترضون أنتم لنا شركة عبيدنا ومخلوقاتنا بل أدونهم وأرذلهم سيما في أخص اوصافنا الذي هو الوهيتنا وربوبيتنا والتصرف في ملكنا وملكوتنا ايها الغافلون المسرفون المفرطون في علو شأننا والجاهلون بقدرتنا وقدر مكانتنا وبالجملة كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ اى دلائل توحيدنا وبراهين وحدتنا وتفردنا لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ويستعملون عقولهم في تأمل الآيات والتدبر فيها على وجه العبرة والاستبصار فاعتبروا يا اولى الأبصار

بَلِ اتَّبَعَ الجاهلون الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالخروج عن مقتضيات الآيات الواضحة والبراهين اللائحة أَهْواءَهُمْ الباطلة وآراءهم الزائغة الزائلة مع ان اتباعهم بها بِغَيْرِ عِلْمٍ فائض عليهم من المبدأ الفياض بل عن جهل مركوز

<<  <  ج: ص:  >  >>