للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معهم إِنَّ اللَّهَ القادر المقتدر على الانعام والانتقام يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ المتجاوزين عن الانتقام سيما بعد الاقتدار عليه

وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى مدعين نصرة الدين وإعلاء كلمة الحق المبين قد أَخَذْنا ايضا كما أخذنا من اليهود مِيثاقَهُمْ فنقضوا ايضا كما نقضوا فَنَسُوا كما نسوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ اى بالإنجيل المنزل على عيسى عليه السّلام فَأَغْرَيْنا اى قد ألقينا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ المستمرة إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ بحيث لا يصفو نفاقهم وشقاقهم أصلا بان جعلناهم فرقا متخالفين متخاصمين وهم اليعقوبية والمسطورية والملكائية وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ المنتقم العليم كلا الفريقين اى اليهود والنصارى بِما كانُوا يَصْنَعُونَ في الدنيا من البغض والنفاق وبما يكسبون به في الآخرة من العذاب والعقاب

يا أَهْلَ الْكِتابِ اى اليهود والنصارى المجبولين على الكفر والعناد قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا اضافه الى نفسه تعظيما وتوقيرا يُبَيِّنُ ويظهر لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ من أوامره ونواهيه واخباره المتعلقة بالزمان الماضي والآتي سيما نعت خاتم الأنبياء والرسل صلوات الله عليه وسلامه وانما يبين لكم المذكورات لئلا يفوت منكم شيء من امور الدين ولا تؤاخذوا به وَمع ذلك يَعْفُوا ويصفح عَنْ تبيين كَثِيرٍ من مخفياتكم من الكتب مما لا يترتب عليه العذاب والنكال فعليكم ان تؤمنوا به وبما جاء به لهدايتكم الى طريق التوحيد إذ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ معه نُورٌ واضح الا وَهو كِتابٌ مُبِينٌ ظاهر لائح هدايته وإرشاده

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ الهادي لعباده مَنِ اتَّبَعَ منهم رِضْوانَهُ اى ما يرضى به سبحانه سُبُلَ السَّلامِ اى طرق التوحيد الموصولة الى سلامة الوحدة المسماة عنده سبحانه بدار السّلام وَيُخْرِجُهُمْ اى المتبعين رضوانه مِنَ الظُّلُماتِ المتراكمة ظلمة العدم وظلمة الإمكان وظلمة التعينات إِلَى النُّورِ اى الوجود البحت الخالص عن شوب الظلمة إذ هو نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء من اهل العناية بِإِذْنِهِ وتوفيقه وجذب من جانبه وَبالجملة يَهْدِيهِمْ به ان سبق لهم العناية منه إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل الى توحيده

ثم قال سبحانه والله لَقَدْ كَفَرَ واعرض عن الحق ولم يعرف حق قدره وقدر حقيته الغلاة الَّذِينَ بالغوا في وصف عيسى عليه السّلام وغلوا في شأنه مبالغين الى ان قالُوا عن سبيل الحصر والتخصيص إِنَّ اللَّهَ المتجلى في الآفاق بكمال الإطلاق والاستحقاق هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ لهم يا أكمل الرسل تبكيتا وإلزاما فَمَنْ يَمْلِكُ اى يدفع ويمنع مِنَ اللَّهِ القادر المقتدر العالم بالسرائر والخفايا شَيْئاً من مراداته ومقدوراته إِنْ أَرادَ وشاء أَنْ يُهْلِكَ اى يبقى على الهلاك الأصلي والفناء الجبلي بلا مد من ظله ورش من نوره الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ايضا بل وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَبالجملة لا يبالى الله الغنى المستغنى بذاته عن مطلق المظاهر والأكوان لا به ولا بها ولا بهم جميعا إذ لِلَّهِ المنزه عن مطلق الكوائن والفواسد الكائنة الثابتة مطلقا مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يتصرف فيها حسب ارادته واختياره كيف يشاء إيجادا واعداما احياء وافناء بحيث يَخْلُقُ ويظهر ما يَشاءُ بلطفه ويعدم ويخفى ما يشاء بقهره وَبالجملة اللَّهَ المتصف بعموم أوصاف الكمال عَلى كُلِّ شَيْءٍ من مقدوراته ومراداته قَدِيرٌ لا تفتر قدرته عند مقدور ولا ينتهى ارادته ومشيئته دون مراد

وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى من غاية مبالغتهم وغلوهم في حق عزير وعيسى عليهما السّلام نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>