للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى مصيرهم ستة كَلْبُهُمْ كلا القولين الاول قول اليهود والثاني قول النصارى قد صدر عنهم رَجْماً ورميا بِالْغَيْبِ إذ لا مستند لهم لا من التواريخ ولا من اقوال الرسل والكتب وَيَقُولُونَ هم سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ اى مصيرهم ثمانية كَلْبُهُمْ والواو وان كان مقحما أفاد توكيد لصوق الصفة بالموصوف وشدة اتصاله به ليدل على صدقه ومطابقته للواقع ومثله في القرآن كثير منه قوله تعالى وما أهلكنا من قرية الا ولها كتاب معلوم وغير ذلك وهي مثل الواو في قولهم جاءني زيد ومعه ثوب هذا قول المؤمنين قد أخذوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو من جبرائيل عليه السّلام وجبرائيل من الله العزيز العليم فان شكوا فيه ايضا ونسبوه الى الرمي والتخمين قُلْ لهم يا أكمل الرسل رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ إذ لا يعزب عن علمه شيء من أحوالهم من أول أمرهم الى آخره إذ علمه سبحانه بعموم معلوماته حضورى لا يعزب عن حضوره شيء أصلا وهم ما يَعْلَمُهُمْ عن أحوالهم إِلَّا قَلِيلٌ بالاخبار والتواريخ وأكثرها غير مطابق للواقع ولما كان قولهم وعلمهم راجعا الى الرجم والرمي بلا مستند فَلا تُمارِ ولا تجادل يا أكمل الرسل فِيهِمْ اى في حق الفتية إِلَّا مِراءً ظاهِراً اى جدالا خفيفا مقتصرا على ما قد أوحينا إليك لا متعمقا غليظا بان تجهلهم وتسفههم وتضحك أنت من قولهم وتنسبهم الى الخرافة والخرق وَلا تَسْتَفْتِ ايضا ولا تسأل فِيهِمْ اى في حق الفتية وشأنهم مِنْهُمْ اى من اهل الكتاب أَحَداً ايدا يعنى لا تستفت أنت يا أكمل الرسل أحدا منهم عن قصتهم وشأنهم بعد ما قد ظهر عندك أمرهم بالوحي والإلهام الإلهي إذ استفتاؤك بعد الوحى اما سؤال تعنت وامتحان فهو لا يليق برتبة النبوة والرسالة بعيد بمراحل عن مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم اللازمة لمرتبة البنوة واما سؤال استعلام واسترشاد فهم قاصرون عاجزون عنها مع انه لا معنى للسؤال بعد الوحى ثم لما امر اليهود للقريش ان يسألوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سؤال تعنت وامتحان عن الروح وذي القرنين واصحاب الكهف فسألوا فقال صلّى الله عليه وسلم ائتوني غدا أخبركم عنها قاله هكذا بلا استثناء وتعليق بمشية الله تعالى تبركا اى لم يقل ان شاء الله فانسد عليه صلّى الله عليه وسلّم باب الوحى بضعة عشر يوما فشق الأمر عليه صلّى الله عليه وسلم وكذبته القريش فتحزن حزنا شديدا فنهاه سبحانه نهيا مؤكدا وأدبه تأديبا بليغا لئلا يترك الاستثناء في مطلق الأمور أصلا

فقال وَلا تَقُولَنَّ أنت يا أكمل الرسل البتة لِشَيْءٍ قد عزمت عليه وأردت ان تفعله إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ الشيء غَداً على سبيل البت والمبالغة

إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ اى الا ان تذكر وتجئ بالاستثناء بعد عزمك بقولك ان شاء الله وَبالجملة اذْكُرْ رَبَّكَ يا أكمل الرسل إِذا نَسِيتَ وتركت ذكر الاستثناء والتعليق على مشية الله في خلال الأمور حين القصد والعزيمة والقول بالاصدار بعد ما تذكرت نسيانك تلافيا لما نسيت وتداركا لما تركت ولو بعد حين بل سنة فقل ان شاء الله متذكرا الأمر الذي قد تركت التعليق فيه قضاء لما فات وَقُلْ بعد ما قد كشفنا عليك جوابهم هذا شكرا له وابتهاجا عليه وطلبا للمزيد منه سبحانه عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي وأرجو من فضله وجوده ان يرشدني ويدلني لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً اى لأمر هو اقرب دلالة من امر اصحاب الكهف وقصتهم الى الهداية والرشد وأوضح إيصالا الى مسلك الصواب والسداد تأييدا لنبوتي وتشييدا لرسالتي وقد هداه وأرشده بأعظم من ذلك كالاخبار عن بعض الغيوب وقصص الأنبياء المتباعد عهدهم وزمانهم

<<  <  ج: ص:  >  >>