للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستهزاء كما قال سبحانه ما ضَرَبُوهُ لَكَ مثلا إِلَّا جَدَلًا مجادلة ومراء بَلْ هُمْ في أنفسهم قَوْمٌ خَصِمُونَ مجادلون مكابرون في الخصومة واجراء الباطل مجرى الحق وترويجه جدلا ومغالطة بل

إِنْ هُوَ اى ما عيسى إِلَّا عَبْدٌ من جملة عبادنا قد أَنْعَمْنا عَلَيْهِ بمقتضى فضلنا وجودنا وأظهرنا على يده من المعجزات الباهرة والخوارق الظاهرة الدالة على كمال قدرتنا وَجَعَلْناهُ مَثَلًا عجيبا وشأنا بديعا لِبَنِي إِسْرائِيلَ يسير بينهم امر وجوده بلا أب وظهور الخوارق الغريبة عنه سيما في حال صباه وإرهاصات امه كالمثل السائر كل ذلك من كمال قدرتنا وعلمنا ومتانة حكمتنا

وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ ايضا وانشأنا بدلكم مَلائِكَةً يسكنون فِي الْأَرْضِ مكلفين بالعبادة والعرفان أمثالكم وإذا انقرض طائفة منهم يَخْلُفُونَ أمثالهم أمثالكم الى ما شاء الله يعنى لا تتعجبوا من شأن عيسى وظهوره على الوجه الأبدع الأغرب بل تأملوا وتدبروا في كمال قدرة المبدع ووفور حكمته وجوده إذ هو سبحانه قادر على اظهار امور عجيبة وشئون شتى بديعة لا تعد ولا تحصى ومن جملتها ظهور عيسى وما صدر عنه من الخوارق بل كل من وصل بعالم القلب وحصل دون الكشف والشهود واليقين الحقي مترقيا من المشاهدات العادية والمحسوسات الالفية ظهر له ولاح عليه ان كل ما لمع عليه برق الوجود وتشعشع منه بمقتضى الجود انما هو على وجه غريب وشأن عجيب ثم قال سبحانه

وَإِنَّهُ اى شأن الظهورات المنبه عليها والتطورات المشار بها لَعِلْمٌ اى دليل لائح وبرهان واضح لِلسَّاعَةِ الموعودة المعهودة فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وبقيامها ووقوعها وَبالجملة اتَّبِعُونِ في جميع ما أنزلت لكم في كتبي وعلى ألسنة رسلي وأطيعوا امرى وأمرهم واعلموا ان هذا الذي قد اشرناكم اليه صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فاسلكوا فيه لعلكم تهتدون الى توحيدي وتفوزون بالفوز العظيم

وَعليكم محافظة الحدود الشرعية والمعالم الدينية حتّى لا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ ولا يصرفنكم عنها ولا يوقعنكم في فتنة عظيمة وبلية شديدة إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة شديد الخصومة يضلكم عن جادة التوحيد ويوقعكم في العذاب الشديد. أعاذنا الله وعموم عباده من فتنته

وَكيف لا يكون عيسى عبدا من عبادنا اذكر لهم يا أكمل الرسل لَمَّا جاءَ عِيسى الى بنى إسرائيل من عندنا مؤيدا بِالْبَيِّناتِ الباهرة الظاهرة التي ما ظهر مثلها من نبي من الأنبياء قالَ مظهرا لهم الدعوة الى طريق الحق وتوحيده قَدْ جِئْتُكُمْ من عند ربي بِالْحِكْمَةِ المتقنة البالغة وَانما جئتكم لِأُبَيِّنَ أوضح واظهر لَكُمْ طريق العبودية والعرفان سيما بَعْضَ الَّذِي اى بعض المعالم الدينية الذي أنتم تَخْتَلِفُونَ فِيهِ وفي نزوله في كتب الله وعدم نزوله فيها فَاتَّقُوا اللَّهَ أولا حق تقاته وَأَطِيعُونِ فيما جئت لكم

إِنَّ اللَّهَ المتوحد المتفرد بالالوهية والربوبية هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ دبر امرى وأمركم وبينه في كتابه فَاعْبُدُوهُ بمقتضى وحيه وانزاله واعلموا ان هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ موصل الى توحيده الذي أنتم لأجله جبلتم ان كنتم مؤمنين موقنين وبعد ما تم امر الدعوة والتبليغ

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ وتفرقوا تفرقا ناشئا مِنْ بَيْنِهِمْ اى من بين قومه المبعوث إليهم بعد ما دعاهم الى طريق الحق وتوحيده وهداهم الى صراط مستقيم فَوَيْلٌ عظيم وعذاب شديد يتوقع لِلَّذِينَ ظَلَمُوا خرجوا عن مقتضى العبودية المأمورة لهم بالوحي الإلهي مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ مؤلم في غاية الإيلام

هَلْ يَنْظُرُونَ اى ما ينظرون وينتظرون أولئك المفسدون المفرطون إِلَّا السَّاعَةَ الموعود

<<  <  ج: ص:  >  >>