للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستبدالها ازدياد في الكفر لان هتك الحرمة كفر وتبديلها كفر آخر يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا اى بسبب تبديلهم ضلالا زائدا على ضلالهم الأصلي إذ يُحِلُّونَهُ اى النسيء الذي يؤخرونه عاماً وسنة وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً آخر وسنة اخرى بلا رعاية خصوصيته في التحريم وليس غرضهم من هذا التحليل والتحريم الا لِيُواطِؤُا ويوافقوا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وهي الاربعة من غير التفات الى خصوصية فَيُحِلُّوا بفعلهم وتبديلهم هذا ما حَرَّمَ اللَّهُ بخصوصه وما ذلك الا ان زُيِّنَ اى حسن وحبب لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ اى تحليلهم وتبديلهم القبيح وَاللَّهُ الهادي لعباده الى صوب جنابه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ الخارجين عن مقتضى مأموراته

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ماذا عرض ولحق لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لنصرة دينه وإعلاء كلمة توحيده اثَّاقَلْتُمْ تثاقلتم وتعاللتم وتباطئتم أنتم وقد صرتم من غاية ثقلكم وتكاسلكم كأنكم تلزقون وتلصقون إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ ايها الحمقى المستبطئون المتثاقلون بِالْحَياةِ الدُّنْيا الدنية الحقيرة ومزخرفاتها الفانية بدلا مِنَ الْآخِرَةِ ولذاتها الباقية فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا والاستمتاع بها والتلذذ بمستلذاتها ومشتهياتها فِي الْآخِرَةِ اى في جنب لذاتها ودرجاتها وحالاتها الدائمة الباقية ازلا وابدا إِلَّا قَلِيلٌ مستحقر مسترذل بل فان مطلق لا وجود لها أصلا عند من كحل الله عين بصيرته واذهب عمى قلبه

إِلَّا تَنْفِرُوا وما تشتغلوا الى تهيئة اسباب النفر واعداد راده وعتاده بعد ما أمرتم به يُعَذِّبْكُمْ الله المنتقم منكم عَذاباً أَلِيماً باستيلاء عدوكم عليكم واستئصالكم بافظع الوجوه وأفزعها وَبعد إهلاككم يَسْتَبْدِلْ منكم قَوْماً غَيْرَكُمْ مطيعين لأمره منقادين لحكمه لينفروا في سبيله كأهل اليمن والفرس وَاعلموا انكم بتكاسلكم وتقاعدكم عن القتال المأمور به لا تَضُرُّوهُ شَيْئاً إذ هو سبحانه منزه في ذاته عن تقويتكم واضراركم وكفركم وايمانكم وَاللَّهُ المنتقم على من خرج عن مقتضى امره عَلى كُلِّ شَيْءٍ من صور الانتقام والانعام قَدِيرٌ لا يخرج عن حيطة قدرته شيء

إِلَّا تَنْصُرُوهُ أنتم اى ان لم تنصروا نبيه المؤيد من عنده فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ الرقيب عليه اذكروا نصر الله إياه وقت إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى اهل مكة من مكة حال كونه ثانِيَ اثْنَيْنِ اى ليس معه الأرجل واحد وهو أبو بكر رضى الله عنه فذهبا نحو الجبل فدخلا الغار واقتفى العدو اثرهما فوصلوا الغار إِذْ هُما حينئذ فِي الْغارِ فتحزن صاحبه من ادراك العدو اذكروا إِذْ يَقُولُ صلى الله عليه وسلّم في تلك الحالة لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ عن ادراكهم ولحوقهم ولا تيأس عن نصر الله وحفظه إِنَّ اللَّهَ الرقيب علينا حاضر مَعَنا غير مغيب عنا يكفينا ويكف عنا مؤنة ضررهم واضرارهم فَأَنْزَلَ اللَّهُ سبحانه بقوله صلّى الله عليه وسلّم سَكِينَتَهُ اى اطمئنانه وقراره عَلَيْهِ اى على صاحبه وَبالجملة أَيَّدَهُ سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بِجُنُودٍ اى ملائكة حافظين حارسين له صلّى الله عليه وسلّم بحيث لَمْ تَرَوْها بعيونكم ايها النظار مثل أولئك الجنود وَبالجملة قد جَعَلَ سبحانه بنصره وتأييده إياه صلّى الله عليه وسلّم كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى ما يدعون ويخاصمون معه صلّى الله عليه وسلّم لأجله وترويجه من الأصنام والأوثان السُّفْلى الدنيا النزلى لا يؤبه ولا يبالى بها أصلا وَكَلِمَةُ اللَّهِ اى كلمة توحيده التي قد ظهر بها حبيبه صلّى الله عليه وسلّم هِيَ الْعُلْيا إذ الحق يعلو ولا يعلى عليه وَاللَّهُ القادر المقتدر على عموم ما يشاء عَزِيزٌ غالب في نصر أوليائه

<<  <  ج: ص:  >  >>